الخميس، 11 أبريل 2013

أوجه بيان السنة النبوية الشريفة للقرآن الكريم


أوجه بيان السنة للقرآن الكريم :

إن القرآن الكريم دل على وجوب العمل بالسنة ، فكل عمل جاءت به السنة يعد عملا بالقرآن الكريم ، فالكتاب مجمل والسنة موضحة ، ومفصلة ، ومخصصة ، ومقيدة ، ومؤكدة ، ومفرعة. فقال تعالى ( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ )(4) ، وقال سبحانه ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ) (5) ، والذكر هى السنة ، ومانزل إليهم أى القرآن الكريم. وعلى ذلك فإن أوجه بيان السنة للقرآن متعددة منها :

1- موضحة لمعاني القرآن الكريم :

فجاءت السنة مفسرة وموضحة مثل قوله تعالى ( ولا يغتب بعضكم بعضا .. ) (6) بينها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث فقال ( أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : ذكرك أخاك بما يكره. قيل : أرأيت إن كان فى أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهته(7) ) (8) . وبينت السنة أيضا الأحكام التي وردت كقوله تعالى ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة...)(9) ، فقد أخرج الشيخان أن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلق امرأته ، وهى حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مره فليراجعها ، ثم ليمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض ، ثم تطهر ، ثم إن شاء أمسك و إن شاء طلق ، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء )(10)

=======================================================
1- النور 63                     2- النساء 65
3- آل عمران 31               4- النحل 89
5- النحل 44                    6- الحجرات 12
7- البهتان : هو الباطل ، والبهت هو الكذب والافتراء ( انظر النهاية ولسان العرب )
8- رواه مسلم                   9- الطلاق 1
10- رواه البخارى

2- مفصلة لمجمله :

مثل تفصيل الصلاة على اختلاف مواقيتها وركعاتها وسننها ومبطلاتها والصلوات المفروضة والمسنونة والنافلة ، وغيرها من أحكام الزكاة في بيان الأنصبة والصيام والحج والذبائح والأنكحة والبيوع والجنايات ، فإن هذه التفاصيل لم ترد تفصيلا في القرآن الكريم .
                                                 
3- مخصصة لعامّه :

فقد جاء في الأحاديث تخصيص الأحكام العامة ، مثل نصيب الوارث في الميراث من أصحاب الحقوق التي نصت عليها الآيات ، كقوله تعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) (1)  ، فالقاعدة العامة أن المسلم الذي يتوفى يرثه أقرباؤه كل بنسبة حقه الذي بينه القرآن الكريم ، لكن السنة النبوية خصصت هذه القاعدة بالنسبة للأنبياء ، فقال صلى الله عليه وسلم ( لا نورث ، ما تركنا صدقة )(2) (3) ، كما خصصت السنة الوارث بغير القاتل فقال صلى الله عليه وسلم ( ليس لقاتل ميراث )(4)

4- مقيدة لمطلقه :

فقد جاءت الأحكام في القرآن الكريم مطلقة دون تحديد أو تعيين ، وتكفلت السنة ببيان القيود والشروط اللازمة لتنفيذ هذه الأحكام ، كما جاء في حد السرقة ، فقال تعالى ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا ......)(5)  المائدة (38)
ولإقامة الحد نحتاج إلى معرفة أمرين :
الأول : ما المقدار الذي إذا أخذه السارق تقطع يده ؟
الثاني : ما حد القطع؟ أي من أين تقطع اليد من الكتف أو المرفق أو الرسغ ؟
فقد جاءت السنة مقيدة ، وبينت نصاب السرقة ، فقال صلى الله عليه وسلم ( تقطع يد السارق في ربع دينار )(6)
وبينت السنة الفعلية حد القطع ، إذ كانوا يقطعون من مفصل اليد (الرسغ) ، وأحوالا أخرى بينتها السنة في السرقة ، كالضرورة والحرز وغير ذلك ، أو أن يأكل الرجل من مال ابنه دون إذنه ، فهذا لا تقطع يده ، فالابن من كسب أبيه ، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ( أنت ومالك لأبيك )(7) وغير ذلك من حالات استثنيت من إيقاع الحد عليها لوجود شبهة. وذلك من باب درء الحدود بالشبهات.
=====================================================
1- النساء 110                   2- رواه البخارى
3- دراسات فى السنة النبوية الشريفة ص 34
4- أخرجه مالك فى الموطأ وابن ماجه فى سننه - صحيح الجامع للألبانى
5- المائدة 38
6- رواه البخارى ومسلم
7- رواه ابن ماجه والطبرانى - صحيح الجامع للألبانى
                                                              
5- مؤكدة لما ورد بالقرآن الكريم :

مثل قوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف )(1)
فقد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اتقوا الله في النساء فإنكن أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله )(2)

6- مفرعة على الأصول :

ذكرنا من قبل أن القرآن الكريم ذكر القواعد الكلية والأصول العامة ، ويترك للسنة تطبيق هذه القواعد على الأمور الفرعية وأوجه نشاطات الناس المختلفة ، كقوله تعالى :
(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما )(3)0 فقد جاء القرآن الكريم بتحريم أخذ أموال الناس بغير حق أو بغير رضا وطيب نفس ، حتى لو كانت أموال زوج أو زوجة أو ابن أو أب أو أموال الدولة ، فهذه القاعدة - تحريم أخذ أموال الغير بغير حق(4)  فنجد أن السنة قد فرعت على هذه القاعدة قواعد فرعية منها تحريم بيع الثمار قبل نضجها ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها ، نهى البائع والمبتاع )(5) ، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الملامسة ، والمنابذة ، والنجش وغيرها من بيوع تحتمل الظلم والغرر للبائع أو المشترى ، لذلك حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البيوع وأمثالها تفريعا للآية السابقة من سورة النساء .

استقلال السنة بالتشريع :  ( أي جاءت السنة بأحكام لم تَرِد في القرآن الكريم )

اتفق العلماء قديما وحديثا على أن السنة النبوية هي مصدر من مصادر التشريع الإسلامي ، والتي لا غنى عنها في معرفة الحلال والحرام ، فالسنة قد أتت بأحكام وتشريعات كثيرة لم ترد في القرآن الكريم ، في العبادات أو المعاملات أو شئون الأسرة ، مثال ذلك : قوله تعالى ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون )(6)
فقد أحل الله تعالى الطيبات وحرم الخبائث ، وبقيت أشياء لا هي من أي منها ، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ملحقة بأحدهما ، فنهى عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وكل ذي مخلب من الطير ، ونهى عن أكل الحمر الأهلية وألحق الضب والأرنب وما شابهها من الطيبات .
----------------------------------------------------------------------------------

1ـ النساء 19                                           2ـ رواه مسلم رحمه الله تعالى0
3ـ النساء 29                                          4ـ دراسات فى السنة النبوية الشريفة ص : 37
     5ـ رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى         6ـ الأعراف 157


وأحل تعالى صيد البحر وحرم الميتة ، فماذا عن ميتة البحر ؟ فقد بينت السنة حكمها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ماء البحر ( هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته )

وذكر الله تعالى نصيب البنتين في الميراث فقال ( ... فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف00 )(2) وبقيت البنتان مسكوتا عنهما ، فنقل في السنة حكمها وهو إلحاقها بما فوق البنتين ، كما اعتبر بنت الإبن مع البنت من الصلب كأختين وأعطاهما الثلث

ومما استقلت به السنة دون القرآن : أحاديث تحريم جمع الرجل بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها ، وأحكام الشفعة ، ورجم الزاني المحصن وتغريب البكر ،وإرث الجدة وزكاة الفطر وغير ذلك مما استقلت السنة بتشريعه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق