الجمعة، 12 أبريل 2013

وأن يَسْتَعْفِفْــــنَ خَيْــــرٌ لَهُـــــنَّ


بسم الله الرحمن الرحيم 
مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو عبده ورسوله وبعد ،
قال الله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب ) المائدة (2)
وقال سبحانه ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون )  آل عمران (104)
وقال صلى الله عليه وسلم ( الدين النصيحة . قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) رواه مسلم رحمه الله عن تميم الداري رضي الله عنه
فمن هذا المنطلق أختاه الكريمة أهمس في أذنيك وأذكرك بالله تعالى من باب قوله سبحانه (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )  الذاريات (55) وأدعوك لطاعته والامتثال لأمره سبحانه الذي خلقك وكرمك ورزقك وعافاك وأسبغ عليك نعمه الظاهرة والباطنة .
فهذه رسالة إليك من أخ ناصح أمين أدعوك فيها إلى فرض من الفرائض وواجب من الواجبات التي أوجبها الله عليك كالصلاة والزكاة والصيام والحج وأرجو أن تعي ما فيها من ترغيب أو ترهيب أو وعد ووعيد باقتناع وقناعة قلبية وعقلية لما فيها من الأدلة الشرعية من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، وأن تقرأيها بعين رائدة إلى الخير تحبه وتسعى إليه وتهدف إلى الوصول لإرضاء الله عز وجل  ، فقد بسطت فيها بعضا من الأدلة الشرعية على وجوب الحجاب الشرعي و بعضا من الفوائد والأمور التي لابد أن تكون في الاعتبار وخاطبت فيها عقلك بأسلوب بناء مهذب، والله

أسأل أن يهدينا وإياك إلى سواء السبيل وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين  وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

                                                                      وكتبه ؛
                                                            محمد حسن نور الدين
                       الكويت في السبت 21 من شهر شوال عام 1427 هـ
                                              12 من شهر نوفمبر عام 2006 م
                                                                                                                                                                     
أختاه .....
إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق ليعبدوه وبالإلهية يفردوه فأنزل الكتب وأرسل الرسل لهداية الخلق إلى مراده سبحانه ، وهو سبحانه أعلم بخلقه وأعلم بمواقع فضله وأعلم بما يصلح شئونهم وبما يفسد أحوالهم فشرع لهم شرائع وحد لهم حدودا وأمرهم أن لا يتعدوها فقال سبحانه ( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون )   البقرة (229 ) وقال (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) الطلاق (1)
فأمرهم الله سبحانه بأوامر أن يأتوها ونواه ينتهوا عنها ووعد بالثواب في الدنيا والآخرة لمن أطاعه وتوعد بالعقاب لمن عصاه وخالف أمره فقال سبحانه ( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) النحل (97) وقال جل وعلا ( فإما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى * وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد وأبقى )  طه (123-127) فانظري أختي الكريمة فالجزاء من جنس العمل فمن يعرض عن ذكر الله في الدنيا ولا يمتثل لأوامره وينسى (أي يترك) آيات الله ينسى في الآخرة ويهمل ولا ينظر إليه بعين الاحترام. 

كما أمر سبحانه وتعالى بإتباع أمره وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ونهى عن أن يؤخذ الدين بالرأي والهوى والرغبات والشهوات فقال سبحانه وتعالى ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )  الأحزاب (36) 
ومن العجب العجاب ومما يندى له الجبين وتدمع له الأعين والأفئدة أن نرى ونسمع بين الحين والآخر أناسا ممن ينتسبون إلى الإسلام ينكرون أمورا معلومة من الدين بالضرورة ، وآخرون يؤولون النصوص الشرعية من القرآن والسنة على حسب أهوائهم وما جهلوا من التشريع الإلهي ، وآخرون يرددون نعرات الجاهلية الحمقاء باسم التحضر والمدنية والحرية فينادون بتحرير المرأة ومساواتها بالرجل في أمور قد فصل فيها منذ أمد بعيد، ولا شك بأن المرأة حرة لكن في حدود ما شرعه الله تعالى لها وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وآخرون يبيحون ما حرم الله وآخرون يفتون باستحباب ما هو واجب أو كراهة ما هو محرم ، وتارة يشنون الحرب الشعواء بكل ما لديهم من وسائل على الحجاب أو الختان أو اللحية وكأنهم أعطوا نصيبا من التشريع للخلق . وقد أنكر الله تعالى على أمثال هؤلاء ووبخهم فقال ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله..... )  الشورى (21) ويرجع ذلك إلى الجهل بدين الله جل وعلا والحكمة التي من أجلها شرع الشرائع لخلقه وكراهة ما أنزل الله وإتباع الشهوات والهوى وكثرة الفتن والشبهات التي أحاطت بأمتنا إحاطة السوار بالمعصم بعدما تباعدوا شيئا فشيئا عن دين الله تعالى واتبعوا كل ناعق من اليهود والنصارى ومن سار على دربهم وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال ( لتتبعن سنن* الذين من قبلكم، شبرا بشبر ، أو ذراعا  بذراع  حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه . قالوا : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟ ) رواه أحمد والبخاري ومسلم رحمهم الله تعالى عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه . (أي نعم اليهود والنصارى) ومعنى (سنن) أي طرق والمفرد سنة . (والضب) نوع من الحيوانات ويدل الحديث على شدة حرص إتباع المسلمين في زمن من الأزمنة لهؤلاء وأظنه هذا الزمن الذي نعيش فيه وما أصابنا من الذل والهوان بسبب ذلك . 
والواجب علينا جميعا تجاه هذه الفتن العارمة أن نتمسك بدين الله سبحانه وتعالى فهو عصمة من الزيغ والضلال والانحراف ، وأن نتجرد من العبودية إلا لله جل في علاه ، فهناك من يعبد الدرهم والدينار ومنهم من يعبد هواه ،ومنهم من يعبد غير ذلك . كما يجب علينا أن نسعى لتعلم العلم الشرعي من الأئمة المعتبرين لينير لنا الطريق ، وأن نخلص في النصيحة للمسلمين ودعوتهم لدين الله تعالى فالخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة لكنهم يريدون من يأخذ بأيديهم ويدلهم على الخير بالحكمة والموعظة الحسنة والسلوك القويم والخلق الحسن وطلاقة الوجه وحسن الخطاب والصبر على من جهل منهم والتلطف معهم في المعاملة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يأتيه الأعرابي فيجهل عليه فما يزداد النبي صلى الله عليه وسلم إلا حلما ، وكما فعل مع الأعرابي الذي بال في المسجد .

وأقدم هذه الرسالة المتواضعة إلى أخواتي الفاضلات في دعوتهن إلى الستر والعفاف فأرغب المتبرجة في الحجاب الشرعي وأبشر المحجبة وأدعوها إلى الثبات وحسبك أختاه أن الله تعالى أمرك بما أمر به أطهر نساء العالمين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته كما أحذرك من عذاب الله وأخوفك بالله أن تردى أمره ، فقد قال سبحانه ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا )  الأحزاب (36) ، وقال تعالى ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون )  النور (51 - 52 )
أختاه .......
لقد أفادت التجارب المشهود لها بعين الاعتبار والصحة أن خروج المرأة من بيتها هو عنوان خراب البيت وضياع العيال وانقطاع الألفة والمحبة بينها وبين زوجها . وقد أخذ عقلاء اليهود والنصارى يشكون الويلات من جراء فساد أخلاق البنين والبنات ، وذلك أن البنت الغربية متى بلغت سن ست عشرة أو ثماني عشرة سنة خرجت من بيت أهلها ثم تتفق مع شاب يشاكلها وتعتزل معه يعملان ويأكلان وتمكث البنت بالسنة والسنتين لا تسأل عن أهلها ولا يسألون عنها ولا ترغب في الزواج الشرعي فإن تزوجت فإنها لا ترغب في الإنجاب لكون الحبل والإنجاب يعوقها عن الكسب ، كما أن الرجل لا يرغب أن يحمل أعباء تكفل العيال
والمطالبة بمؤنتهم  ومؤنة أمهم  وأكثرهم يتمتع بالمرأة عن طريق الزنا وصاروا يرغبون في اقتناء الكلاب يتسلون بها عن تربية الأولاد ولنسائهم فيها مآرب أخرى.                                                    
 وعلى إثر هذا انصرف الشباب والشابات عن التعلم في المدارس للصنائع وغيرها الذي دار عليها مدار قوتهم ورقيهم وثروتهم حتى قل مالهم وانقرض نسلهم وتعطلت صنائعهم .
فهذه الحالة المزرية هي نهاية المدنية والحرية التي يفتخر بها الغرب حتى صاروا لا يعدون الزنا جريمة لكونه بزعمهم من كمال الحرية التي تتمتع بها المرأة إلا إذا زنى بها مكرهة أو زنى بها على فراش الزوج مع العلم أن الزنا محرم في شريعتهم ولا نقول إنهم كلهم بهذه الصفة وإنما الغالب أو السائد على أخلاقهم . وإلا فقد يوجد بيوت يلتزم أهلها العفاف والحشمة والقيام بخدمة المنزل وحسن التربية ورعاية حق الزوج واحترامه ولا يزال عقلاؤهم وكتابهم والكاتبات المفكرات من نسائهم ينحون بالملام وتوجيه المذام على سوء تربية نسائهم وفساد أخلاقهن (1)
ونشرت جريدة ( لاغوس ويكلى ركورد ) نقلا عن جريدة ( لندن ثروت ) قائلة : ( إن البلاء كل البلاء في خروج المرأة عن بيتها إلى التماس أعمال الرجال ، وعلى إثرها يكثر الشاردات عن أهلهن واللقطاء من الأولاد غير الشرعيين فيصبحون كلا وعالة وعارا على المجتمع فإن مزاحمة المرأة للرجال ستحل بنا الدمار . ألم تروا أن حال خلقتها تنادى بأن عليها ما ليس على الرجل وعليه ما ليس عليها ؟ )
ونشرت الكاتبة الشهيرة ( مس إنى رود ) في جريدة ( الإسترن ميل ) : ( لأن يشتغل بناتنا في البيوت خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد . ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين(2) فيها الحشمة والعفاف والطهارة تتنعم المرأة بأرغد عيش تعمل كما يعمل أولاد البيت ولا تمس الأعراض بسوء . نعم إنه لعار على بلاد الإنكليز أن تجعل بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطة الرجال . فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال سلامة لشرفها (3)
لعمرك ما في العيش خير                  ولا الدنيا إذا ذهب الحيـاء
يعيش المرء ما استحيا بخير                 ويبقى العود ما بقى اللحاء
فالحياء كله خير وحسن وفى النساء أحسن والحياء من الإيمان .
__________________________________________
(1)        مجموعة رسائل الشيخ /  عبد الله بن زيد آل محمود  ص (295 ، 296)
(2)        هذا مصداق قوله تعالى ( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) الحجر(2)  
(3)     مجموعة رسائل الشيخ  / عبد الله بن زيد آل محمود  ص (300)   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق