الاثنين، 15 أبريل 2013

يا أيها الذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وأطيعوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنكم



 قال الله تعالى :
﴿ يا أيها الذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وأطيعوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنكم فإنْ تَنَازَعْتُم فى شَئٍ فَرُدُّوه إلَى اللهِ والرَّسولِ إنْ كُنتم تُؤمِنونَ باللهِ واليوم الآخِرِ ذَلِكَ خيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلاً    سورة النساء : 59
روى البخارى فى صحيحه أن عبد الله بن حُذافَة بن قَيْس الأنصارى البَدْرِى وكان به دُعابَة بَعَثَه رسول الله صلى الله عليه وسلم على سَرِيَّة فَاَمَرَهم يوما أن يجمَعُوا حَطَباً ويُوقِدوا نارا فَفَعَلوا، ثم أمرهم أن يَدْخُلوها مُحْتَجَّاً عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم ( مَن أَطاعَ أَميرِى فقد أطاعَنِى وَمَن عَصَى أمِيرِى فقد عَصانِى ) فَلَم يستجيبوا له وقالوا له : إنما آمَنَّا وَأَسْلَمْنا لِنَنْجُو مِن النار فكيف نُعَذِّب أنْفُسَنا بها، وذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( لَوْ دَخَلُوها ما خَرَجُوا مِنْها إنَّما الطاعَةُ فى المَعْروفِ )
وقال صلى الله عليه وسلم ( السَّمْعُ والطَّاعَة حَقٌ عَلَى المَرْءِ المُسْلِم فيما أَحَبَّ وَكَرِه ما لَمْ يُؤْمَر بِمَعْصِيةِ فَلا سَمْعَ عَلَيْهِ ولا طاعَة )(1)
وقال صلى الله عليه وسلم ( مَن رَأَى مِن أَمِيرِه شيئاً يَكْرَهُه فَلْيَصْبِر عليه فإنه لَيْسَ أَحَدُ يُفارِق الجَمَاعَةَ شِبْراً فَيَموت إلا ماتَ مِيتَة جاهِلِيَّة )(2)
وعن عُبادَة بن الصَّامِت رضى الله عنه قال : بايَعْنا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فى مَنْشَطنا ومَكْرَهنا وعُسْرنا ويُسْرنا وأَثَرَة علينا وأنْ لا نُنَازِعَ الأمْرَ أهله قال : ( إلا أن تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِندَكم فيه مِن الله بُرْهان )(3)
قال ابن عباس فى قوله تعالى ( وأُولِى الأمر منكم ) : يعنى أهلَ الفِقْه والدِّين . وكذا قال مجاهِد وعطاء. ( وأولى الأمر منكم يعنى العُلَماء والظاهِر والله أعلم أنها عامَّة فى كل أُولِى الأمر مِن الأُمَراء والعلماء ولهذا قال تعالى ( أطيعوا الله ) أى اتَّبِعُوا كِتابه ( وأطيعوا الرسول ) أى خُذُوا بِسُنَّتِه ( وأولى الأمر منكم ) أى فيما أمروكم به مِن طاعة الله لا فى معصية فإنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق كما تقدم فى الحديث الصحيح ( إنما الطاعة فى المعروف )
وقوله ( فإن تنازعتم فى شئ فردوه .. ) قال مجاهد : ( أى إلى كتاب الله وسنة رسوله ) وهذا أمر مِن الله عز وجل بأن كل شئ تنازَعَ فيه الناس فيه مِن أُصُولِ الدِّين وفروعه أن يُرَدَّ التنازُع فى ذلك                            ------------------------------------------------------------------------------------
(1) رواه أحمد و البخارى ومسلم رحمهم الله عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما
(2) رواه أحمد والبخارى ومسلم رحمهم الله عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما
(3) رواه البخارى ومسلم رحمهما الله تعالى

إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى ( وما اخْتَلَفْتُم فيه مِن شَئ فَحُكْمُه إلى الله ) مما حكم به الكتابُ والسنة وشهد له بالصحة والحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ ولهذا قال تعالى ( إن كنتم تُؤمِنون بالله واليوم الآخِر ) أى رُدُّوا الخُصومات والجَهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليها فيما شَجَرَ بينكم، فَدَلَّ على أن مَن لَم يتحاكَم فى محل النِّزاع إلى كتاب الله والسنة ولا يَرْجِع إليهما فى ذلك فليس مُؤمِناً بالله ولا باليوم الآخِر . وقوله ( ذلك خَيْر ) أى التَّحاكُم إلى كتاب الله وسنة رسوله، والرجوع إليهما فى فَصْل النِّزاع خير ( وأحسن تأوِيلا ) أى وأحسن عاقِبَة ومَآلا كما قال السدى، وقال مجاهد : وأحْسَن جزاء وهو قريب (1)
ولهذا أنْكَرَ الله عز وجَلَّ فى الآية التى تليها على مَن يَدَّعِى الإيمان بما أَنْزَلَ الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى الأنبياء الأقْدَمِين وهو مع ذلك يريد التحاكم فى فصل الخُصُومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مِن القوانين الوَضْعِيَّة التى ما أنزَلَ الله بها مِن سُلْطان والله المستعان . فقال تعالى ( ( أَلَم تَرَ إلَى الذين يَزْعُمُونَ أنهم ءَامَنُوا بما أُنْزِل إليك وما أُنْزِلَ مِن قَبْلِك يُرِيدُونَ أنْ يَتَحاكَمُوا إلى الطَّاغُوتِ وقد أُمِروا أن يَكْفُروا به ويريدُ الشَّيطانُ أن يُضِلَّهُم ضلالاً بعيداً )(2)
قال سَهْلُ بنُ عبد الله : لا يزال الناسُ بِخَيْرٍ ما عَظَّمُوا السُّلْطانَ والعُلَماءَ فإن عظَّمُوا هَذَيْنِ أصْلَحَ اللهُ دُنياهم وأُخْراهم وإن اسْتَخَفُّوا بِهَذَيْنِ فَسَدَتْ دنياهم وأُخْراهم .

فصل فى وجوب طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم :
قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شَجَر بينهم ثم لا يَجِدوا فى أنفسهم حَرَجا مِما قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تسليما )(3) وقال سبحانه :
( فَلْيَحْذَرِ الذين يُخالِفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )(4) وقال عز وجل :
( وما كان لِمُؤمِن ولا مؤمنة إذا قَضَى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخِيَرةُ مِن أمْرهم ومَن يَعْصِ اللهَ ورسولَه فقد ضل ضلالا مُبينا )(5) وقال تعالى :
( لقد كان لكم فى رسول الله أُسْوَة حَسَنَة لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخِرَ وَذّكَر اللهَ كثيراً  )(6)
-----------------------------------------------------------------------------------------
(1) تفسير ابن كثير           (2) النساء 60                (3) النساء 65
(4) النور 63                 (5) الأحزاب 36             (6) الأحزاب 21

وقال صلى الله عليه وسلم :

( كل أُمَّتِى يدخلون الجَنَّة إلا مَن أَبَى . قالوا وَمَن يَأْبَى يا رسول الله ؟ قال : مَن أطاعَنِى دخل الجنة ومَن عصانى فقد أَبَى )(1) وقال( ما مِن نَبِى بَعَثَه اللهُ فى أُمَّةٍ قَبْلِى إلا كان له مِن أُمَّتِه حواريون وأصحاب يأخُذُونَ بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف مِن بعدهم خُلُوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فَمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك مِن الإيمان حبة خَرْدَل )(2)، قالت عائشة رضى الله عنها : صنع رسول الله شيئا ترخص فيه وتنزه عنه قومٌ فَبَلغَ ذلك النبى، فَحَمِدَ الله ثم قال ( ما بابُ أقْوامٍ يتنزهون عن الشَّئ أصنعُه ؟ فو الله إنى أعْلمهم بالله وأشَدهم له خَشْيَة )(3)

عن العِرباض بن سارِيَة رضى الله عنه قال : وَعَظَنا رسول الله يوما بعد صلاة الغَدَاة مَوْعِظَة بليغَة ذّرفتْ منها العُيون ووجِلَتْ منها القلوب، فقال رجل : إن هذه موعظة مُوَدِّع فماذا تَعْهَدَ إلينا يا رسول الله ؟ فقال : ( أُوصِيكُم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عَبْد حَبَشِىّ فإنه مَن يَعِش منك يَرَ اختِلافا كَثيرا، وإياكم وَمُحْدَثاتِ الأُمُور فإنها ضلالة، فَمَن أَدْرَكَ ذلك منكم فعليه بسنتى وسنة الخُلَفاء الرَّاشِدِين المَهْدِيين، عَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذ )(4)(5)

فصل فى وُجُوب الإحْتِكام إلى الكِتاب والسُّنَّة فى كًلِّ ما وَقَعَ مِنَ الخِلاف :
فكل ما وقع فيه الخِلاف بين الصحابة فَمَن بَعْدَهم يجب رده إلى الكتاب والسنة، قال تعالى ( فإن تنازعتم فى شئ فردوه إلى الله والرسول )(6) فالرد إلى الله تعالى هو الرد إلى كِتابه والرد إلى الرسول هو الرد إلى سُنَّته بعد انقِطاع الوَحْى، فما وافَقَهُما قُبِلَ وما خَالَفَهما رُدَّ على قائله كائنا مَن كان، وقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم وهو أَرْجَح الخلائِق عَقْلا وأولاهم بالصواب ( لِتَحْكُمَ بين الناس بما أَرَاكَ الله ) ولَم يَقُل بما رَأَيْتَ وهو صلى الله عليه وسلم لا يقول فى التشريع إلا عَن الله عز وجل ولهذا لَم يُجِبْ اليهودَ فى سُؤالهم عن الرُّوُح، ولا جابِراً فى سُؤاله عن مِيراث الكَلالَة، ولا المُجادِلَة فى سؤالها عن حُكْم الظِّهارِ حتى نَزَلَ القرآن بتفصيل ذلك وبيانه (7)
-----------------------------------------------------------------------------------------
(1) رواه البخارى عن أبى هريرة   (2) رواه مسلم عن ابن مسعود  (3)رواه البخارى عن عائشة
(4) رواه الترمذى ـ ص .ج رقم 2549 (5) مختصَر معارِج القَبول ـ الشيخ / هشام عُقْدَة
(6) النساء 59    (7) فكان الجواب على سؤال اليهود فى سورة الإسراء الآية 85 ( ويسألونك عن الرُّوح ...) والجواب على سؤال جابر فى ميراث الكلالة وبيان المراد بها فى سورة النساء فى آخِر آيَة مِن السورة  ( ويستفتونك فى الكلالة قل الله يفتيكم فى الكلالة إن امرؤ هَلَك ...)وكلاهما صحيح، وكان الجواب وكان الجواب على سؤالالمجادلة عن حكم الظهار . وهو قول الرجل لامرأته : أنت عَلَىَّ كظهر أمى ) فى صدر سورة المجادلة الآيات 1 : 4 ( قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها وتشتكى إلى الله ...)


وقال على بن أبى طالب: لو كان الدِّين بالرأى لَكان أَسْفَل الخُفِّ أوْلَى بالمَسْح مِن أعْلاه، وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خُفَّيْهِ (1)
وقد أفتَى عُمَرُ بن الخطاب السائِلَ الثَّقَفِىّ فى المرأة التى حاضَتْ بعد أن زارت البيت يوم النحر ألَّا تنفر، فقال الثقفى : إن رسول الله أَفْتانِى فى مِثل هذه المرأة بغير ما أَفْتَيْتَ به، فقام عمرُ إليه وَضَرَبَه بالدِّرَّة (2) . ويقول له : لِمَ تَسْتَفتِى فى شئ قد أفتَى فيه رسول الله ؟
وقال عمر بن عبد العزيز : لا رَأى لأَحَدٍ مع سُنَّةٍ سَنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال الشافعى : أجمع الناس على أن مَن استبانَت له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يَدَعَها لِقَوْلِ أَحَدٍ مِن الناس ، وقال رحمه الله : ما مِن أَحَدٍ إلا وتذهب عليه سنة لرسول الله وتَعْزُب عنه فمهما قلتُ مِن قولٍ وأَصَّلْتُ فيه عن رسول الله خِلاف ما قلت فالقول ما قال رسول الله وهو قولى وجعل يردد الكلام (3)
وقال الشيخ حافِظ حَكَمِى فى مَنْظُومته سُلَّم الوُصُولإلى عِلْم الأُصُول فى التوحيد :
وَكُلُّ ما خَالَف للوَحْيَيْـــــنِ     فإنَّــه رَدٌّ بِغَيْـــرِ مَيْــــــــنِ(4)
وكل ما فيه الخِلافُ نُصِبا    فَرَدُّه إليهمــــا قَدْ وَجَبـــــــــا
فالدِّينُ إنَّما أَتَى بالنَّقْـــــــلِ  لَيْسَ بِالأَوْهامِ وَحَدْسِ(5) العَقْلِ

ويأتِى قوله تعالى ( وما أرسَلْنا مِن رَسول إلا لِيُطاعَ بإذْنِ اللهِ ولو أنهم إذ ظَلَمُوا أنْفُسَهُم جاءوكَ فاسْتَغْفَرُوا اللهَ واسْتَغْفَرَ لهم الرسولُ لَوَجَدوا اللهَ تَوَّابا رحيماً )
قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( أى فُرِضَتْ طاعته على مَن أرسله إليهم وقوله ( بإذن الله ) قال مجاهِد : أى لا يطيع أحد إلا بإذنى يعنى لا يطيعه إلا مَن وَفَّقَه لذلك ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم ) يريد تعالى العُصاة والمُذْنِبين إذا وَقَعَ منهم الخطأ والعِصْيان أن يأتوا رسولَ الله فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم فإنهم إذا فعلوا  ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ولهذا قال ( لَوَجَدوا الله توابا رحيماً ) .
----------------------------------------------------------------------------------------
(1) حديث صحيح انظر المِشْكاة بتحقيق الألبانى رحمه الله تعالى حديث رقم 525 ج1
(2) الدِّرَّة : السَّوْط يُضْرَب به . جمعها دِرَر ( المعجم الوجيز )    (3) مختصر معارِج القبول
(4) مَيْن : كَذِب    (5) الحَدْس : الفِراسَة ( المعجم الوَجِيز )

وقد اسْتَدَلَّ بعض الجُهَّال الضُّلَّال مِن الصُّوفِيَّةِ وغَيْرهم بهذه الآية أنه يجوز الذهاب إلى قبر الرَّسول ويستغفرون اللهَ تعالى عند قبره ويَتَوَسَّلُونَ به، وهذا غير مشروع وَلَم يَفْعَلْه أَحَدٌ مِن الصحابة ولا التابِعِين ، لكن المراد بذلك مِن الآية فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم وليس بعد مَوْته .           
وقوله تعالى ( فلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنون حتى يُحَكِّمُوك فيما شَجَرَ بينهم .... ) الآية ، قال ابن كثير :
( يُقْسِمُ اللهُ بِنَفْسِه الكَريمَة المُقَدَّسَة أنه لا يُؤْمِن أَحَدٌ حتى يُحَكِّمَ الرسول فى جميع الأمور، فَما حَكَمَ به فهو الحق الذى يَجِب الانقياد له باطِنا وظاهِرا، ولهذا قال ( ثُمَّ لا يَجِدوا فى أنفسهم حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ ويسلِّمُوا تسلِيماً ) أى إذا حَكَّمُوكَ يطيعونك مِن بواطِنهم فلا يجدون فى أنفسهم حَرَجا مِمَّا حَكَمْتَ به وينقادون له فى الظاهِر والباطِن فَيُسَلِّمُون لذلك تسليما كُلِّيَّاً مِن غَيْر مُمَانَعَة ولا مُدافَعَة ولا مُنازَعَة )
وقال تعالى : ( وَمَن يُطِع الله والرسول فأُولئِكَ مع الذين أنْعَمَ اللهُ عليهم مِنَ النَبيين والصِّدِّيقينَ والشُهَداء والصالِحِينَ وَحَسُنَ أولئك رفِيقا ) النساء 69

قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( أى مَن عَمِلَ بما أمَرَه الله به ورسولُه وتَرَكَ ما نهاه اللهُ عنه ورسولُه فإن الله عز وجَلَّ يُسْكِنه دار كَرامَته ويجعله مُرَافِقاً للأنبياء ثم لِمَن بَعْدَهم فى الرُّتْبَة وهم الصديقون ثم الشهداء ثم عُمُوم المُؤمِنين وهم الصالِحُونَ مِن الذِينَ صًلحت سَرائِرهم وعلانيتهم، ثم أَثْنَى عليهم تعالى فقال ( وَحَسُنَ أولئك رفِيقا ) . وقال البخارِى عن عائِشَة قالت : سمعت رسول الله يقول ( ما مِن نَبِىٍّ يَمْرَض إلا خُيِّرَ بين الدنيا والآخِرَة ) وكان فى شَكْوَاه التى قُبِضَ فيها أخَذَتْه بُحَّةٌ شديدة . فَسَمِعته يقول ( مع الذين أنعم الله عليهم مِن النبيين الصديقين والشهداء والصالحين ) فَعَلِمْتُ أنَّه خُيِّرَ. وهذا معنىقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الآخَر ( اللهم الرفيق الأعْلَى ) ثلاثاً

سبب نزول هذه الآية الكريمة :
ثبت فى صحيح مسلم عن ربيعة بن كَعْب الأسْلَمِىّ أنه قال : كنتُ أَبِيتُ عند النبى صلى الله عليه وسلم فَآتِيه بِوَضُوئِه وحاجته، قال لى : سَلْ . فقلتُ يارسول الله : أسألك مُرَافَقَتَكَ فى الجَنَّةِ . فقال : أَوَغَيْرَ ذلك ؟ قلتُ : هو ذاك . قال : ( فَأَعِنِّى على نَفْسِكَ بكثرة السُّجُود )
وثبت فى الصحيح والمَسَانِيد وغيرهما مِن طُرُقٍ مُتَواتِرَة عن جماعة مِن الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن الرَّجُل يُحِبُّ القَوْمَ ولَمَّا يَلْحَق بهم فقال : ( المَرْءُ مع مِن أَحَبَّ ) ، قال أَنَس : فَما فَرِحَ المُسْلِمون فرحهم بهذا الحديث . وفى رواية عن أنَس أنه قال : إنى لأُحِبُّ رسول الله وأُحِبُّ أبا بكرٍ وَعُمَر رضِى الله عنهما وأرجو أن يَبْعَثَنِى معهم وإن لَم أَعْمَل كَعَمَلِهم (1)
----------------------------------------------------------------------------------------
(1) تفسير ابن كثير - رحمه الله تعالى -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق