الثلاثاء، 30 يوليو 2013

التدوين الرسمى للسنة النبوية الشريفة



التدوين الرسمي للسنة النبوية الشريفة :

سؤال : ما السبب الذي أدى إلى تدوين السنة النبوية في عهد الصحابة والتابعين ؟

الجواب : لما انتشر الإسلام واتسعت الفتوحات الإسلامية وتفرق الصحابة في الأقطار وكاد القرن الأول أن ينتهي والسنة موكولة إلى حفظ الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ، فنشأ جيل بعد ذلك قليل الضبط ، ضعيف الحفظ بسبب اختلاط العرب بالأعاجم في البلدان المختلفة كالعراق والشام ومصر ، فدعت الحاجة إلى تدوين الحديث النبوي ، فأكثر التابعون من كتابة الحديث والسنن ولم ينكرها واحد منهم في الوقت الذي تلهف فيه المسلمون في الأقطار إلى معرفة شرائع الإسلام وآدابه ، وإعجابهم بالصحابة رضي الله عنهم ومرافقة التابعين والأخذ عنهم ، فضلا عن ظهور الكذب والوضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنصار الفرق والمذاهب الذين ظهروا بعد مقتل على بن أبى طالب رضي الله عنه ، فاقتنعوا بضرورة تدوين السنة النبوية الشريفة ، وكان التدوين الرسمي في القرون الثلاثة على ثلاثة مراحل .

1-   التدوين الرسمي الأول :

في نهاية القرن الأول الهجري أفضت الخلافة إلى الإمام العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ، فهداه الله تعالى إلى جمع السنة فكتب إلى بعض علماء الأمصار يأمرهم بجمع الحديث الشريف ، فكتب إلى أبى بكر ( عمرو بن حزم ) عامله وقاضيه على المدينة ، وبهذا توجهت الدولة الإسلامية إلى تدوين السنة رسميا بعد أن كان تدوينها شخصيا ، وقام الإمام ابن شهاب الزهري رحمه الله تعالى ( محمد بن شهاب الزهري ) بجمع ما توفر لديه من أحاديث وسنن ، فقد كان عالما خفاقا من أعلام السنة في عصره ، وبهذا انتقلت حماسة تدوين السنة النبوية الشريفة إلى علماء الأمة الأفذاذ ، فتنافسوا في  جمعها ومتابعتها وطرقها ورجالها الأمناء ، وكان منهجهم في التدوين هو جمع الأحاديث التي تدور في موضوع واحد في مؤلف خاص كالصلاة والزكاة والصوم والطلاق ، ومن أشهر من دون الحديث في ذلك الوقت :

-         عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج و محمد بن إسحاق  في مكة
-         مالك بن أنس في المدينة
-         سعيد بن أبى عروبة و حماد بن سلمة  في البصرة
-         سفيان الثوري  في الكوفة
-         الأوزاعى  في الشام
-         معمر بن راشد  في اليمن
-    عبد الله بن وهب  في مصر، وغيرهم كثير، وقام هؤلاء بجمع أحاديث كل باب من العلم على حدة فى مؤلف واحد، لكنهم مزجوا الأحاديث النبوية بأقوال الصحابة رضى الله عنهم والتابعين وفتاويهم ونسج على هذا المنوال بقية أهل عصرهم


2-   التدوين الرسمي الثاني :

وكان أيام الدولة العباسية بأمر من الخليفة أبى جعفر المنصور حين اطلع على كتاب الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد كان عكف عليه أربعين عاما ، فطلب الخليفة منه أن يكتب كتابا يؤطى ( يجمع) للناس سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه (  الموطأ ) ، وقد تميز موطأ الإمام مالك بتبويب الأحاديث حسب الموضوعات مع أقوال الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ، واجتهاده الفقهي في بعض المسائل ، وفتح الله على باقي العلماء فبذلوا ما في وسعهم لخدمة السنة النبوية الشريفة .

3-   التدوين الرسمي الثالث :

وجاء القرن الثالث الهجري وازدهر فيه تدوين السنة وتنوعت المؤلفات فيها ، ففي القرن الأول والثاني كان الإهتمام بالسنة تدوينا وجمعا فقط ، أما في القرن الثالث فقد تناول العلماء السنة من جهتين هما الجمع والتدوين والتصنيف على المسانيد والجوامع والسنن

-    المسانـيد : هي الكتب الحديثية التي رتبها مؤلفوها على ما رواه كل صحابي على حدة ، بغض النظر عن الموضوع ، كمسند الإمام أحمد بن حنبل ومسند أبى يعلى0
-    الجوامـع : هي الكتب التي اشتملت على جميع أنواع الحديث في العقائد والفقه والرقائق والآداب والتفسير والمناقب وغيرها ، كالجامع الصحيح للإمام البخارى0
-    السنـــــن :  هي الكتب التي رتبت على الأبواب الفقهية ، كسنن أبى داود والنسائي والترمذي وابن واجه رحمهم الله تعالى .

وتابع علماء القرن الثالث الجهود المباركة للعلماء السابقين وانتهجوا نهجاً مخالفاً بعض الشئ فى حفظ السنة فأفردوها عن أقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم وفتاويهم وتفسيراتهم والتزموا شروطا وضعوها لأنفسهم مع اهتمام بارز بالرواة والروايات وكان الداعى لهذه الطرق هو أن تكون عونا للفقهاء وتسهيلا لهم فى الوقوف على الأحاديث التى يستنبطون منها أحكامهم أو يستدلون بها أو يجتهدون على ضوئها .

فإن الحديث لقى عناية وحفظا واهتماما عظيما من أبناء ذلك العصر الذين تولوا نقله بأمانة وإخلاص إلى الجيل الذى تلاهم ثم أدت الأجيال المتعاقبة هذه الأمانة حتى وصلت إلينا فى أمهات الكتب الصحيحة (1)


=============================================
1ـ السنة قيل التدوين ص : 62

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق