الخميس، 18 يوليو 2013

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ




النداء الخامس والأربعون ـ قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (20) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (21)                              سورة الأنفال : 20 ،21  
الطَّوْع : الانقياد والطَّاعَة، لكن أكثر ما تُقال فى الائتمار لِما أُمِر والارْتِسام فيما رُسِمَ قال تعالى ( ويقولون طاعة – طاعة وقول معروف ) أى : أطيعوا، وقد طاع له يَطُوع وأطاعه يُطِيعه، قال ( وأطيعوا الله – من يُطِع الرسول فقد أطاع الله – ولا تُطِع الكافرين ) وقوله فى صفة جبريل عليه السلام ( مُطاع ثَمَّ أمين )(1)
 قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى رحمه الله تعالى :
لما أخبر تعالى أنه مع المؤمنين أمرهم أن يقوموا بمقتضى الإيمان الذى يدركون مَعِيَّته فقال ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ) بامتثال أمرهما واجتناب نهيهما ( ولا تولوا عنه ) أى : عن هذا الأمر الذى هو طاعة الله ورسوله ( وأنتم تَسْمَعُونَ ) ما يُتْلَى عليكم من كتاب الله وأوامره ووصاياه ونصائحه، فتوليكم فى هذه الحال مِن أقبح الأحوال ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ) أى لا تَكْتَفُوا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى الخالية التى لا حقيقة لها، فإنها حالة لا يرضاها الله ورسوله، فليس الإيمان بالتَّمَنِّى والتَّخَلِّى وَلَكِنَّهُ ما وَقَرَ فى القلوب وصَدَّقَتْه الأعمال(2)
قال الشيخ أبو بكر الجزائرى :
ينادى اللهُ تعالى عباده المؤمنين الذين آمنوا به وبرسوله وصدقوا وَعْدَه وَوَعِيدَه يوم لقائه، فيأمرهم بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، وينهاهم عن الإعراض عنه وهم يسمعون الآيات تُتْلَى والعِظات تَتَوالَى فى كتاب الله وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن نصركم وتأييدكم كان ثمرة لإيمانكم وطاعتكم فإن أنتم أعرضتم وعصيتم فتركتم كل ولاية لله تعالى لكم أصبحتم كغيركم مِن أهل الكفر والعصيان، وقوله ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ) ينهاهم عز وجل أن يسلكوا مَسْلَك الكافِرينَ المُشْرِكِينَ (3) فى التَّصامُم عن سماع الآيات الحاملة للحق والداعية إليه، والتَّعامِى عن رُؤيَة آيات الله الدَّالَّة على توحيده الذى قالوا : إنا عَمَّا يقوله مُحَمَّدُ فى صَمَمٍ،
----------------------------------------------------------------------------------------
(1) المفردات فى غريب القرآن – الراغب الأصفهانى ص212
(2) تفسير السعدى رحمه الله تعالى ص 326
(3) واليهود والمنافقين أيضا، إذ الكل كان هذا موقفهم مما يدعوهم إليه الرسولُ صلى الله عليه وسلم.

وفيما يذكر ويشير إليه فى عَمَى فهم يقولون سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون بقلوبهم؛ لأنهم لا يتدبرون ولا يفكرون فلذا هم فى سماعهم كَمَن لَم يسمع إذ العبرة بالسَّماع الانتِفاع به(1) لا مُجَرَّد صَوْت(2)
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
يأمر تعالى عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ويزجرهم عن مخالفته والتشبه بالكافرين به المعاندين له، ولهذا قال: ( ولا تولوا عنه ) أي تتركوا طاعته وامتثال أوامره وترك زواجره ( وأنتم تسمعون) أي بعدما عَلِمْتُم ما دَعاكم إليه، ( ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون ) قيل : المراد المشركون، واختاره ابنُ جرير، وقال ابنُ إسْحاق : هم المنافقون، فإنهم يُظْهِرُون أنهم قد سَمِعُوا واسْتجابوا وليسوا كذلك، ثم أخبر تعالى أن هذا الضَّرْبَ مِن بَنِي آدمَ شَر الخلق والخَلِيقَة فقال : ( إنَّ شَرَّ الدَّوابِّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ ) أي عن سماع الحق، ( البُكْم ) عن فَهْمِه، ولهذا قال : ( الذين لا يعقلون ) فهؤلاء شر البرية؛ لأن كل دابة مما سواهم مطيعة لله فيما خلقها له (3)، وهؤلاء خلقوا للعبادة فكفروا، ولهذا شبههم بالأنعام في قوله : ( أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ) وقيل: المراد بهؤلاء المذكورين نفر من بني عبد الدار من قريش، ثم أخبر تعالى بأنهم لا فهم لهم صحيح ولا قصد لهم صحيح - ولو فُرِضَ أن لهم فهماً – فقال : ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) أي لأفهمهم وتقدير الكلام ( و ) لكن لا خير فيهم فلم يُفْهِمْهُم؛ لأنه يعلم أنه ( لو أسمعهم ) أي أفهمهم ( لتولوا ) عن ذلك قصداً وعناداً بعد فهمهم ذلك ( وهم مُعْرِضُونَ ) عنه.(4)







------------------------------------------------------------------------------------------
(1) فى الآية دليل على أن المؤمن إذا أُمِرَ أو نُهِى فقال سمعاً وطاعة أى : سَمِعْتُ وأَطَعْتُ ولم يفعل ولم يترك لا وزنَ ولا عِبْرَة بقوله بل لابد مِن الفعل والتَّرْك.
(2) أيسر التفاسير – الجزائرى ج1ص513
(3) قال تعالى ( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ) سورة الإسراء : 44
(4) مختصر تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى – الصابونى 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق