الخميس، 18 يوليو 2013

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ




النداء الثَّانِى والأرْبَعون ـ قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ (1) أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)                                          سورة المائِدَة : 105

قال ابنُ كَثير رَحمه الله تعالى :
يقول تعالى آمِرَاً عِبادَه المؤمنين أن يُصْلِحوا أنفسهم ويفعلوا الخير بجهدهم وطاقتهم، ومُخْبِراً لهم أنه مَن أصلَحَ أمْرَه لا يضره فساد مَن فَسَد مِن الناس، سواء كان قريبا منه أو بعيدا . قال ابن عباس فى تفسير هذه الآية : يقول تعالى : إذا ما العبد أطاعَنِى فيما أَمَرْتُهُ به مِن الحلال، وَنَهَيْتُهُ عنه مِن الحرام، فلا يضُرُّه مَن ضَلَّ بَعْدُ إذا عَمِل بِما أَمَرْتُهُ . وهكذا قال مُقاتِل بن حَيَّان . فقوله تعالى ( يا أيها الذين ءَامَنُوا عليكم أنفسكم ) نَصْب على الإغْراء ( لا يَضركم مَن ضَلَّ إذا اهتدَيْتم إلى الله مرجعكم ... ) أى فَيُجازَى كُل عامِلٍ بِعَمَله إنْ خَيْراً فَخَيْر، وإنْ شَرَّاً فَشَر. وليس فيها دليل على تَرْكِ الأمْر بالمَعْروف والنَّهْى عن المُنْكَر إذا كان فِعْل ذلك مُمْكِناً . وقد قامَ أبو بَكْر الصِّدِّيق رضى الله عنه فَحَمِدَ اللهَ وأَثْنَى عليه، ثم قال : أيها الناس إنَّكُم تَقْرَأون هذه الآية ( يا أيها الذين ءَامَنوا عليكم أنفسكم لا يضركم مَن ضَلَّ إذا اهتديتم ... ) وإنكم تضعونها فى غير موضعها . وإنى سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الناس إذا رَأَوْا المُنْكَر لا يُغَيِّرونه أَوْشَكَ أن يَعُمَّهُم اللهُ بِعِقابه)(2)وقال ابنُ جَرير : تلا الحَسَنُ هذه الآية ( يا أيها الذين ءَامنوا عليكم أنفسكم ... ) فقال الحَسَن : الحمد لله بها والحمد لله عليها، ما كان مؤمن فيما مَضَى ولا مؤمن فيما بقى إلا وإلَى جنبه منافق يكره عمله . وقال سعيد بن المُسَيب : إذا أمَرْتَ بالمعروف ونَهَيْتَ عن المُنْكَر، فلا يضرك مَن ضَلَّ إذا اهتَدَيْتَ (3)

---------------------------------------------------------------------------------------
(1) قيل فى هذه الآية هى الوحيدة التى جَمَعتْ بين الناسِخ والمَنْسوخ فالناسِخ فيها قوله ( إذا اهتَدَيْتُم ) والمَنْسوخ قوله ( عَلَيْكُم أنْفُسكم ) إذ مَن اهتدَى لا يضره مَن ضَلَّ ولا تتم الهداية إلا بعد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وقالت العلماء : الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يَتَعَيَّن مَتَى رُجِىَ القَبول والتغيير، فإن كان هناك عدم رجاء، فلا يجب الأمر والنَّهْى . وكذا يسقط إذا خاف ضَرراً يلحقه لا يَقْوَى عليه، أو يلحق غيره مِن المسلمين ( أيسر التفاسير – الجزائرى )
(2) رواه أحمد والترمذى وابن ماجه رحمهم الله تعالى عن أبى بكر رضى الله عنه ـ ص .ج رقم 1974
(3) تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى

قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى رحمه الله تعالى :
قوله تعالى ( يا أيها الذين ءَامَنوا عليكم أنفسكم ) أى : اجْتَهِدُوا فى إصلاحها وكمالها وإلزامها سلوك الصراط المستقيم فإنكم ـ إذا صَلَحْتُم ـ لا يضركم مَن ضَلَّ عن الصراط المستقيم ولم يَهتدِ إلىالدين القويم وإنما يضرنفسهن ولا يدل هذا أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لا يضر العبدَ تركهما وإهمالهما، فإنه لا يتم هذا إلا بالإتيان بما يجب عليه من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، نَعَم إذا كان العبد عاجزا عن إنكار المنكر بيده ولسانه وأنْكَرَه بقلبه فإنه لا يضره ضلال غيره وقوله تعالى ( إلى الله مرجعكم جميعا ) أى : مآلكم يوم القيامة واجتماعكم بين يَدَى اللهِ تعالى ( فينبئكم بما كنتم تعملون ) مِن خَيْر أو شَر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق