الأربعاء، 24 يوليو 2013

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ




النداء الحادى والثلاثون –  قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ(1) قَوْمٍ(2) عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)     سورة المائدة : 8
قد مر عند تفسير النداء الخامس والعشرين فى الآية رقم 135 من سورة النساء قوله تعالى ( يا أيها الذين آمَنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا ) وقد فصلنا فيها القول بما يغنى عن التوسع هنا والاستطراد
فقوله ( لا يجرمنكم ) أى لا يَحْمِلَنَّكم  ، ( شَنَئَان ) أى بُغْض .
والعَدْل خِلاف الجَوْر وهو المُساواة بلا حَيْف وَجَوْر . والجَوْر الظُّلْم .
( هو أقرب للتقوى ) أى العدل أقرب للتقوى مِن الجور كما قال تعالى ( وأن تعفوا أقرب للتقوى ) فما زال السياق الكريم فى توجيه المؤمنين وإرشادهم إلى ما يكملهم ويسعدهم، فأمر الله تعالى المؤمنين أن يكونوا قوامين لله تعالى بسائر حقوقه عليهم من الطاعات ، وأن يكونوا شهداء بالعدل لا يحيفون ولا يجورون فى شئ سواء كان المشهود عليه وَلِيَّاً أو عَدُوَّاً، ونهاهم أن يحملهم بُغْضُ قَوْم أو عداوتهم على ترك العدل وقد أُمِرُوا به، ثم أَمَرَهُم بالعدل وأَعْلَمَهم أن أهل العدل (3) هم أقرب الناس إلى التقوى ، لأنه مَن كانت له مَلَكَة العدل صِفَة كان مِن أَقْدَر الناس على أداء الحقوق والواجبات ، وعلى ترك الظلم واجتناب المنهيات ، ثم أمرهم بالتقوى مُؤَكِّدا شأنها؛ لأنها مِلاك الأمر، وأعْلَمَهم بأنه سبحانه خبير بما يعملون لتزداد مَلَكَة مُرَاقَبَة الله تعالى فى نفوسهم فيفوزون بالعدل والتقوى معاً(4)
---------------------------------------------------------------------------------------
(1) قرأ ابن عامر، وشُعْبَة، وأبو جعفر، بإسكان النون والباقون بفتحها ( البدور الزاهرة ص 87 )
(2) المراد بالقوم اليهود وقد أرادوا قتل النبى كما ذكره ابن جرير وقال السهيلى : المراد غورث بن الحارث الغطفانى وَجَدَ النبى نائماً فى بعض غزواته تحت شجرة والسيف معلق فيها فاخْتَرَطَ السيف واستيقظ رسول الله والسيف فى يده فقال له : يا محمد مَن يمنعك مِنِّى ؟ قال ( الله تعالى ) وقعد إلى الأرض حتى جاء أصحاب رسول الله وهو عنده وقيل : إنه عمرو بن جحاش اليهودى  .           
(3) لا شك أن أعدل الناس هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صِدِّيق الأمة أبو بكر الصِّدِّيق، وعمر بن الخطاب وعثمان بن عَفَّان، وعَلِىّ بن أبى طالِب، رضى الله عنهم، وَسِيَرهم تشهد بذلك ومواقفهم فى العدل تنير كتب التاريخ والسِّيَر.                                                   (4) أيسر التفاسير – الجزائرى ج1 ص 329

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق