الثلاثاء، 30 يوليو 2013

قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى




قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى . . . )       
سورة الأحزاب : 33

أختاه . . . .إذا قرأتِ الآية (30) من سورة الأحزاب وما تلاها من آيات كريمات ، ستجدين أن الخطاب الإلهي موجه من رب العزة من فوق سبع سماوات إلى أطهر نساء العالمين وهن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن بقوله تعالى ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين)  وما تلاها من آيات ، فإذا كان هذا الخطاب موجه لهؤلاء ، فما بالك أختاه بمن هن أدنى منهن منزلة ؟؟؟
 وكما ذكرنا آنفا أن القرآن الكريم نزل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإن هذا النداء والأمر الإلهي موجه أيضا إلى من هن دونهن من النساء ، بل جمع الله تعالى في  الآية (59) من سورة الأحزاب الأمر بالحجاب لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته ونساء المؤمنين جميعا في نفس الآية . فهذه الآيات من سورة الأحزاب كرر الله تعالى النداءات إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أوصاهن قائلا ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا )  الأحزاب (32)
أي لا تلين الكلمات وترققن الصوت إذا تكلمتن مع الأجانب من الرجال ( غير المحارم ) فيطمع الذي في قلبه مرض ، أي نفاق وضعف إيمان مع شهوة عارمة تجعله يتلذذ بالخطاب ، ثم أمرهن تعالى بقوله ( وقلن قولا معروفا ) وهو ما يؤدى إلى المعنى المطلوب دون زيادة ألفاظ وكلمات لا حاجة لها .
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه  : المرأة تندب إذا خاطبت الرجال الأجانب إلى الغلظة في القول من غير رفع الصوت ، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام .

ثم أمرهن الله تعالى بالإقرار في بيوتهن فقال ( وقرن في بيوتكن ) أي اقررن بمعنى اثبتن فيها ولا تخرجن إلا لحاجة لابد منها ، ( ولا تبرجن ) أي إذا خرجتن لحاجة فلا تخرجن سافرات متطيبات متزينات . ( تبرج الجاهلية الأولى ) أي قبل الإسلام ، إذ كانت المرأة تتجمل وتخرج متبخترة متكسرة متغنجة في مشيتها وصوتها تفتن الرجال . ثم أمرهن سبحانه بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
                                               
ثم أخبرهن تعالى بالعلة في ذلك وهو إرادته تعالى بتطهيرهن من الدنس والآثام إبقاء على طهرهن ، لأن الخروج بكثرة ، وعدم إقرارهن في البيت قد يؤدى إلى الفتن التي لا تخفى على كل من له  أدنى بصيرة ،  ثم أمرهن أيضا بذكره سبحانه المتمثل في القرآن والسنة المطهرة الشريفة ( الحكمة ) على جهة الموعظة ، وختم الآية الكريمة بقوله ( إن الله كان لطيفا خبيرا ) أي لطيف بكم ، خبير بأحوالكم وما تؤول إليه الأمور من خير أو شر .

قال تعالى : ( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن وكان الله غفورا رحيما )                سورة الأحزاب : 59

( يدنين ) أي يرخين. والإدناء هو الإرخاء . والجلابيب : جمع جلباب وهو العباءة أو الملاءة تكون فوق الدرع السابغ الطويل . وهذه الآية تسمى آية الحجاب .
                                  
قال ابن أبى حاتم رحمه الله تعالى :
قالت أم سلمة رضي الله عنها : لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة ، وعليهن أكسية سود يلبسنها.
  
* قال العلامة الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره ( أيسر التفاسير ) :
ومعنى هذه الآية أي يرخين على وجوههن الجلباب حتى لا يبدو من المرأة إلا عين واحدة تنظر بها إلى الطريق إذا خرجت لحاجة .

* قال الإمام ابن الجوزى رحمه الله تعالى في قوله تعالى ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) :
أي يغطين رؤوسهن ووجوههن ليعلم أنهن حرائر ( أي عفيفات ) والمراد بالجلابيب الأردية .

* قال ابن أبى حبان فى ( البحر المحيط ) :
( يدنين ) شامل لجميع أجسادهن ، والمراد بقوله ( عليهن ) أي على وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه والنحر ( الرقبة ) .

* قال أبو السعود في تفسيره :
الجلباب ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها ويتبقى منه ما ترسله على صدرها 0 ومعنى الآية : يغطين بها وجوههن وأيديهن إذا برزن لداعية من الدواعى.

-  روى أبو داود رحمه الله تعالى في سننه أن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزوا كشفنا .
                                                       
-  روى البخاري رحمه الله في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين )  أي لا ترتدي المرأة حال إحرامها النقاب ولا القفازين ، وبمفهوم المخالفة كما هو مقرر عند الأصوليين ، أنه في حالة عدم إحرام المرأة فإنها تنتقب وتلبس القفازين ، أي تغطى وجهها وكفيها .

-  روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه أن عائشة رضي الله عنها حينما تخلفت عن الجيش في غزوة بني المصطلق ( المريسيع ) قالت : وسمعت استرجاع صفوان بن المعطل السلمي فخمرت وجهي لما سمعت صوته ، وكان قد عرفني قبل آية الحجاب . والقصة بطولها في صحيح البخاري في حادثة الإفك . وانظري تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير الآية ، ومعنى استرجاع : قول العبد ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .

قال تعالى : (. . . وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن . . . )       الأحزاب (53)

أمر الله تعالى في بداية هذه الآية الكريمة بالاستئذان عند إرادة دخول بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعضا من الآداب الشرعية ، والأمر يشمل جميع المؤمنين في أي زمان ومكان بأن يراعوا الآداب الشرعية في حرمة بيوت المسلمين ، فقال ( وإذا سألتموهن متاعا . . . ) أي إذا طلبتم شيئا من الأمتعة التي توجد في البيت كالإناء ونحوه ( فسئلوهن من وراء حجاب ) أي باب وستر ونحوهما ، وقوله ( ذلكم أطهر لقلوبكم ) أنتم أيها الرجال ( وقلوبهن ) أيتها المؤمنات0 وأطهر : أي من خواطر السوء الفاسدة التي لا يخلو منها قلب الإنسان إذا خاطب فحل أنثى ، أو خاطبت امرأة فحلا من الرجال .

وفى هذه الآية الكريمة فوائد منها :
(1)          مشروعية مخاطبة الأجنبية من وراء حجاب ستر ونحوه .
(2)          بيان أن الإنسان لا يخلو من خواطر السوء إذا كلم امرأة ونظر إليها .
(3)          أهمية سد الذرائع وسد مسالك الشيطان التي تؤدى إلى الوقوع في الرذيلة .
(4)   بيان ما ينبغي للمؤمنين أن يلتزموه من الآداب في الاستئذان والدخول على البيوت فإن ترك هذا الأدب الضائع وإهماله أدى إلى فساد كبير ، وفتن عظيمة في بيوت كثير من المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وانظري أختاه الكريمة إلى هذه الحادثة التي حدثت في بني قينقاع والتي أخرجها الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : أن امرأة مسلمة كانت تقضى بعض شئونها من سوق بني قينقاع ، وكانت امرأة ترتدي الحجاب الشرعي ساترة لوجهها ، فاعترضها رجل يهودي وسخر من جلبابــــــها وأراد أن يجبرها على كشف وجهها ولكنها أبت واستغاثت ، فكر على اليهودي رجل من المسلمين فقتله جزاء ما اقترفت يداه الآثمتان

فانظري أختاه إلى الرجولة والغيرة من رجال المسلمين على أخواتهم العفيفات ، فهذه الغيرة يحبها الله تعالى ، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يغار وإن المؤمن يغار وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم الله )

ومن العجيب أن يرى الرجل أهله على التبرج والسفور ويقره ، بل وبعضهم قد يفتخر بذلك ولا يدرى أنه سيحاسب عليهم أمام الله يوم القيامة . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم :

( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها وهى مسئولة عن رعيتها )  رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي رحمهم الله  عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق