الأربعاء، 24 يوليو 2013

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ .....



النِّداءُ الرَّاِبعُ والثَّلاثُون ـ قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)                                        سورة المائدة : 51 ، 52
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدى ـ رحمه الله تعالى ـ :
يرشد تعالى عباده المؤمنين حين بَيَّنَ لهم أحوال اليهود والنصارى وصفاتهم غير الحسنة أن لا يتخذوهم أولياء فإن ( بعضهم أولياء بعض ) يتناصَرون فيما بينهم ويكونون يَدَاً واحِدَة على مَن سِواهم ، فأنتم لا تتخذوهم أولياء فإنهم هم الأعداء على الحقيقة ، ولا يبالون بضركم بل لا يدخرون من مجهودهم شيئاً على إضلالكم، فلا يتولاهم إلا مَن هو قبلهم ، ولهذا قال ( ومَن يتولهم منكم فإنه منهم ) لأن التولى التام يوجب الانتقال إلى دينهم ، والتولى القليل يدعو إلى الكثير ثم يتدرج شيئا فشيئاً حتى يكون العبد منهم ( إن الله لا يهدى القوم الظالمين ) أى : الذين وَصْفُهُم الظُّلْم وإليه يرجعون وعليه يعولون، فلو جئتهم بكل آية ما تبعوك ولا انقادوا لك ، ولما نهى الله المؤمنين عن توليهم أخبر أن مِمَّن يَدَّعِى الإيمان طائفة تواليهم فقال ( فترى الذين فى قلوبهم مرض ) أى : شك ونفاق وضعف إيمان يقولون : إنْ تَوَلَّيناهم للحاجة فإننا ( نخشى أن تصيبنا دائرة ) أى تكون الدائرة لليهود والنصارى ، فإذا كانت الدائرة لهم، فتكون لنا عندهم يد يكافِئوننا عنها، وهذا سوء ظن بالإسلام، قال تعالى رادَّاً لظنهم السيئ ( فعسى الله أن يأتى بالفتح ) الذى يعز به الله الإسلام على اليهود والنصارى ويقهرهم المسلمون ( أو أمْرٍ مِن عِنده ) ييأس به المنافقون مِن ظَفَر الكافرين مِن اليهود وغيرهم ( فيصبِحوا على ما أسَرُّوا ) أى : ما أَضْمَروا ( فى أنفسهم نادِمين ) على ما كان منهم وضرهم بلا نفع حصل لهم فحصل الفتح الذى نصر اللهُ به الإسلام وأَذَلّ به الكفر والكافرين، فندموا وحصل لهم مِن الغَمِّ ما الله به عليم ( ويقول الذين آمَنُوا ) متعجبين  مِن حال هؤلاء الذين  
----------------------------------------------------------------------------------------
(1) مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله تعالى ج 1

فى قلوبهم مرض ( أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم  ) أى حلفوا وأكدوا حَلِفَهم وغَلَّظوه بأنواع التأكيدات : إنهم لمعكم فى الإيمان وما يلزمه مِن النصرة والمحبة والموالاة، ظهر ما أضْمَرُوه وتَبَيَّنَ ما أَسَرُّوه وصار كيدهم الذى كادوه، وظنهم الذى ظنوه بالإسلام وأهله باطلا، وبطل كيدهم ( حَبِطَت اعمالهم ) فى الدنيا ( فأصبحوا خاسرين ) حيث فاتهم مقصودهم وحضرهم الشقاء والعذاب (1)
وَرَدَ فى سبب نزول هذه الآية أن عبادة بن الصامت الأنصارى وعبد الله بن أُبَىّ كان لكل منهما حُلَفاء مِن يهود المدينة، ولما انتصر رسول الله والمؤمنون فى بدر اغْتاظَ اليهود وأعْلَنوا سوء نِيَّاتهم فَتَبَرَّأَ عُبادة بن الصامت مِن حلفائه وَرَضِىَ بموالاة رسول الله والمؤمنين، وأَبَى ابنُ أُبَىّ ذلك، وقال بعض ما جاء فى هذه الآيات (2)
فوائد مِن الآيات الكريمات :
1 - حُرْمَة مُوالاة اليهود والنصارى وسائر الكافرين .
2 - لا يُعَدُّ استعمال اليهودى أو النصرانى فى عمل تِجارى أو عُمْرانى أو مِهْنِىّ إذا دَعَتْ الحاجة إليه مِنَ الموالاة ، ولا يصح اسْتِبْطانهم ( جَعْلهم بطانة ) ولا الاستعانة بهم فى الجهاد .
3 - موالاة الكافر على المؤمن تُعْتَبَر رِدَّة عن الإسلام .
4 - موالاة الكافرين ناجِمَة عن ضعف الإيمان فلذا تُؤَدِّى إلى الكُفْر .
5 ـ عاقِبَة النفاق سيئة ونهاية الكفر مريرَة .
6 ـ تحريم موالاة مَن وَالَى الكافرين .
7 ـ الموالاة حقيقتها المَوَدَّة والنُّصْرَة فَمَن وَالَى اليهود والنصارى فأحبهم ونصرهم على المسلمين لازمه أنه أبغَضَ المؤمنين وخذلهم وبهذا يصبح كافِرَاً .
8 ـ قال تعالى ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤمِنون بالله واليوم الآخِر يوادُّونَ مَن حادَّ اللهَ ورسولَه ولو كانوا آباءهم أوْ أبناءهم أو إخوانهم أو عَشِيرتهم ... )(3) أى لا يجتَمِع الإيمان وموالاة كل مَن حادَّ اللهَ ورسوله ولو كانوا مِن أُولِى القُرْبى .
---------------------------------------------------------------------------------------
(1) تفسير السعدى رحمه الله تعالى   (2) أيسر التفاسير ـ الجزائرى ج1 ص 350   (3) سورة المجادلة : 22

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق