الخميس، 1 أغسطس 2013

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا



النداء الثامن والثمانون – قال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)
                                                                                     سورة التَّحْرِيم : 6

سورة التحريم مدنية وآياتها اثنتا عشرة آية، وبها نداءان للمؤمنين فى القرآن الكريم بترتيب المصحف الشريف. وتسمى سورة التحريم سورة ( النَّبِىّ )
قال عَلِىّ بن أبى طالِب رضى الله عنه ومُجاهِد وقتادة : قُوا أنفسكم بأفعالكم وقوا أهليكم بوصيتكم. قال ابن العَرَبِىّ رحمه الله تعالى : هذا هو الصحيح لِما يُعْطِيه العطف الذى يَقتَضِى التَّشْرِيك بين المَعْطوف والمعطوف عليه فى معنى الفعل كقول الشاعر ( عَلَفْتُها تِبْناً وماءً بارِداً ) أى سَقَيْتُها ماءً بارِداً.
( قُوا أنفسكم ) الوقاية لا تتم إلا بالإيمان وصالح الأعمال بعد اجتناب الشِّرْك والمَعاصى، وهذا يتطلب العِلْم بذلك وتوطين النفس على العمل بما يعلم من ذلك فعلا لما يفعل وتَرْكا لِما يَتْرك فَلْيَأخُذ العَبْد نفسه وأهله بهذا نُصْحاً له ولَهُم حتى يَقِى نَفْسَه وَيَقِى أهْلَه (1)
قال الشيخ عبد الرحمن السعدى رحمه الله تعالى فى تفسير الآية :

أى : يا مَن مَنَّ اللهُ عَلَيْهِم بالإيمان قوموا بِلوازِمه وشروطه فــ ( قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) موصوفة بهذه الأوصاف الفَظِيعَة ووقاية الأنفس بإلْزامها أمر الله امتثالا ونهيه اجتناباً والتوبة عما يسخط اللهَ ويُوجِب العذاب، ووقاية الأهل والأولاد بتأديبهم وتعليمهم وإجبارهم على أمر الله فلا يُسْلِم العبد إلا إذا قام بأمر الله فى نفسه وفيمَن تَحت ولايته وتصرفه، ووصف اللهُ النارَ بهذه الأوصاف ليزجر عباده عن التهاون بأمره، فقال : ( وَقَودَها الناسُ والحِجارَة ) كما قال ( إنكم وما تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّم أنتُم لَها وارِدُونَ )(2). ( عليها ملائِكَة غِلاظٌ شِدادٌ ) أى : غَلِيظَة أخلاقهم شديد انتصارهم يُفْزِعُونَ بأصواتهم ويُزْعِجُونَ بِمرآهم ويُهِينُونَ أصحاب النار بقولهم ويُنَفِّذُونَ فيهم أمر الله الذى حَتَّمَ عليهم بالعذاب وأوجب عليهم شِدَّة العِقاب،( لا يَعْصُونَ اللهَ ما أمَرَهُم ويفعلون ما يُؤْمَرُونَ) وهذا فيه أيضاً مَدْح للملائِكَة الكِرام وانقيادهم لأمر الله وطاعتهم له فى كل ما أمر به (3)
----------------------------------------------------------------------------------------
(1) أيسر التفاسير – الجزائرى ج2ص1651                                        (2) سورة الأنْبِياء : 98

(3) تفسير السعدى رحمه الله تعالى ص 968

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق