الخميس، 1 أغسطس 2013

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ




النداء السادس والثمانون – قال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11)
                                                                                          سورة المنافِقُون : 9 – 11

سورة المنافقون مدنية وآياتها إحدى عشر.
يقول تعالى آمِراً عِباده المؤمنين بكثرة ذِكْره ناهياً لهم عن أن تشغلهم الأموال والأولاد عن ذلك، ومخبرا لهم بأن مَن الْتَهَى بمتاع الحياة الدنيا وزينتها عن طاعة ربه وذكره، فإنه مِن الخاسرين الذين يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ثم حَثَّهُم على الإنفاق فى طاعته، فقال ( وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ) فكل مُفَرِّطٍ يَنْدَم عند الاحْتِضار، ويسأل طول المُدَّة ليستعتبَ ويَسْتَدْرِكَ ما فاته وهَيْهاتَ كما قال تعالى ( وأنْذِر الناسَ يوم يأتيهم العذابُ فيقول الذين ظلموا ربنا أَخِّرْنا إلى أجَلٍ قريب نُجِبْ دَعْوَتَك ونَتَّبِع الرُّسُلَ )(1) وقال تعالى ( حتى إذا جاء أحَدَهُم المَوْتُ قال رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أعْمَلُ صالِحاً فيما تَرَكْتُ...)(2) ثم قال تعالى ( ولَن يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسا إذا جاء أجَلُها والله خبير بما تعملون ) أى : لا يُنْظِرُ اللهُ أَحَداً بعد حُلُول أجله وهو أعلم وأخْبَر بِمَن يكون صادِقا فى قوله وسؤاله مِمَّن لو رُدَّ لَعَاد إلى شَر مما كان عليه ولهذا قال ( والله خبير بما تعملون )
وروى ابن أبى حاتِم عن أبى الدرداء قال : ذَكَرْنا عند رسول الله الزيادة فى العُمر فقال ( إن اللهَ لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها وإنما الزيادة فى العمر أن يرزق اللهُ العبدَ ذُرِّيَّة صالِحَة يدعون له، فيلحقه دعاؤهم فى قَبْرِه )(3)

----------------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة إبراهيم : 44                                                      (2) سورة المُؤْمِنُونَ : 99 ، 100
(3) مختصر تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى – الصابونى ج3ص 506

قال الشيخ أبو بكر الجزائرى فى قوله تعالى ( لا تُلْهِكُم أموالُكًم ) :
( لا ) هى النافية أُشرِبَتْ معنى النَّهْى فَجَزَمَتْ المضارع، وفى الآية دليل على أن ما لا يشغل عن ذكر الله مِن مال لا إثمَ فيه. وقوله تعالى ( وأنفقوا من ما رزقناكم مِن قبل أن يأتى أحدكم الموت ...) قال القُرْطُبِىّ : فى الآية دليل على وجوب تعجيل أداء الزَّكاة ولا يجوز تأخيرها أصلاً وكذلك سائر العِبادات إذا تَعَيَّنَ وقتها وهو كما قال رحمه الله تعالى.
وكلمة ( نَفْساً ) جاءت نَكِرَة فى سياق النفى وهو ( لن يؤخر ) تَعُمّ كلَ نفس والمراد من النَّفْس الرُّوح وقيل فيها : نَفْس أَخْذاً مِن النَّفَس وهو الهَوَاء الذى يخرج من الأنْفِ والفَمّ مِن كل حَيَوَان ذِى رِئَة وسُمِّيَتْ رُوُحاً أخْذاً مِن الرَّوْح بفتح الراء؛ لأن الرَّوْح به، والرَّوْح : الرَّاحَة.

ما تدل عليه الآيات الكريمات :

1- حُرْمَة التَّشاغُل بالمال والولد مع تضييع بعض الفرائِض والواجِبات.
2- حرمة تأخير الحَجّ مع القُدْرَة على أدائه تسويفاً وتماطُلاً مع الإيمان بِفَرْضِيَّته.
3- وُجُوب الزَّكاة والترغيب فى الصَّدَقات الخاصَّة كَصَدَقَة الجهاد والعامَّة على الفقراء والمساكين
4- تقرير عقيدة البعث والجزاء (1)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الوَلَدُ ثَمَرَة القَلْب، وإنَّه مَجْبَنَة، مَبْخَلَة، مَحْزَنَة )(2) أى قد يكون الولد ( الذَّكَر أو الأُنْثَى ) سَبَباً فى جُبْنِ الوالِد فى تقاعُسه عن الجهاد مَثلاً، أو سببا فى بُخْلِه فى الإنفاق، أو سببا فى حُزْنِه.

-----------------------------------------------------------------------------------------
(1) أيسر التفاسير – الجزائرى ج2ص 1636
(2) رواه أبو يَعْلَى رحمه الله تعالى فى مُسْنَده عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه – ص . ج رقم 7160  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق