الثلاثاء، 30 يوليو 2013

التدوين الرسمى للسنة النبوية الشريفة



التدوين الرسمي للسنة النبوية الشريفة :

سؤال : ما السبب الذي أدى إلى تدوين السنة النبوية في عهد الصحابة والتابعين ؟

الجواب : لما انتشر الإسلام واتسعت الفتوحات الإسلامية وتفرق الصحابة في الأقطار وكاد القرن الأول أن ينتهي والسنة موكولة إلى حفظ الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ، فنشأ جيل بعد ذلك قليل الضبط ، ضعيف الحفظ بسبب اختلاط العرب بالأعاجم في البلدان المختلفة كالعراق والشام ومصر ، فدعت الحاجة إلى تدوين الحديث النبوي ، فأكثر التابعون من كتابة الحديث والسنن ولم ينكرها واحد منهم في الوقت الذي تلهف فيه المسلمون في الأقطار إلى معرفة شرائع الإسلام وآدابه ، وإعجابهم بالصحابة رضي الله عنهم ومرافقة التابعين والأخذ عنهم ، فضلا عن ظهور الكذب والوضع على رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنصار الفرق والمذاهب الذين ظهروا بعد مقتل على بن أبى طالب رضي الله عنه ، فاقتنعوا بضرورة تدوين السنة النبوية الشريفة ، وكان التدوين الرسمي في القرون الثلاثة على ثلاثة مراحل .

1-   التدوين الرسمي الأول :

في نهاية القرن الأول الهجري أفضت الخلافة إلى الإمام العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ، فهداه الله تعالى إلى جمع السنة فكتب إلى بعض علماء الأمصار يأمرهم بجمع الحديث الشريف ، فكتب إلى أبى بكر ( عمرو بن حزم ) عامله وقاضيه على المدينة ، وبهذا توجهت الدولة الإسلامية إلى تدوين السنة رسميا بعد أن كان تدوينها شخصيا ، وقام الإمام ابن شهاب الزهري رحمه الله تعالى ( محمد بن شهاب الزهري ) بجمع ما توفر لديه من أحاديث وسنن ، فقد كان عالما خفاقا من أعلام السنة في عصره ، وبهذا انتقلت حماسة تدوين السنة النبوية الشريفة إلى علماء الأمة الأفذاذ ، فتنافسوا في  جمعها ومتابعتها وطرقها ورجالها الأمناء ، وكان منهجهم في التدوين هو جمع الأحاديث التي تدور في موضوع واحد في مؤلف خاص كالصلاة والزكاة والصوم والطلاق ، ومن أشهر من دون الحديث في ذلك الوقت :

-         عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج و محمد بن إسحاق  في مكة
-         مالك بن أنس في المدينة
-         سعيد بن أبى عروبة و حماد بن سلمة  في البصرة
-         سفيان الثوري  في الكوفة
-         الأوزاعى  في الشام
-         معمر بن راشد  في اليمن
-    عبد الله بن وهب  في مصر، وغيرهم كثير، وقام هؤلاء بجمع أحاديث كل باب من العلم على حدة فى مؤلف واحد، لكنهم مزجوا الأحاديث النبوية بأقوال الصحابة رضى الله عنهم والتابعين وفتاويهم ونسج على هذا المنوال بقية أهل عصرهم


2-   التدوين الرسمي الثاني :

وكان أيام الدولة العباسية بأمر من الخليفة أبى جعفر المنصور حين اطلع على كتاب الإمام مالك رحمه الله تعالى وقد كان عكف عليه أربعين عاما ، فطلب الخليفة منه أن يكتب كتابا يؤطى ( يجمع) للناس سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه (  الموطأ ) ، وقد تميز موطأ الإمام مالك بتبويب الأحاديث حسب الموضوعات مع أقوال الصحابة رضي الله عنهم والتابعين ، واجتهاده الفقهي في بعض المسائل ، وفتح الله على باقي العلماء فبذلوا ما في وسعهم لخدمة السنة النبوية الشريفة .

3-   التدوين الرسمي الثالث :

وجاء القرن الثالث الهجري وازدهر فيه تدوين السنة وتنوعت المؤلفات فيها ، ففي القرن الأول والثاني كان الإهتمام بالسنة تدوينا وجمعا فقط ، أما في القرن الثالث فقد تناول العلماء السنة من جهتين هما الجمع والتدوين والتصنيف على المسانيد والجوامع والسنن

-    المسانـيد : هي الكتب الحديثية التي رتبها مؤلفوها على ما رواه كل صحابي على حدة ، بغض النظر عن الموضوع ، كمسند الإمام أحمد بن حنبل ومسند أبى يعلى0
-    الجوامـع : هي الكتب التي اشتملت على جميع أنواع الحديث في العقائد والفقه والرقائق والآداب والتفسير والمناقب وغيرها ، كالجامع الصحيح للإمام البخارى0
-    السنـــــن :  هي الكتب التي رتبت على الأبواب الفقهية ، كسنن أبى داود والنسائي والترمذي وابن واجه رحمهم الله تعالى .

وتابع علماء القرن الثالث الجهود المباركة للعلماء السابقين وانتهجوا نهجاً مخالفاً بعض الشئ فى حفظ السنة فأفردوها عن أقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم وفتاويهم وتفسيراتهم والتزموا شروطا وضعوها لأنفسهم مع اهتمام بارز بالرواة والروايات وكان الداعى لهذه الطرق هو أن تكون عونا للفقهاء وتسهيلا لهم فى الوقوف على الأحاديث التى يستنبطون منها أحكامهم أو يستدلون بها أو يجتهدون على ضوئها .

فإن الحديث لقى عناية وحفظا واهتماما عظيما من أبناء ذلك العصر الذين تولوا نقله بأمانة وإخلاص إلى الجيل الذى تلاهم ثم أدت الأجيال المتعاقبة هذه الأمانة حتى وصلت إلينا فى أمهات الكتب الصحيحة (1)


=============================================
1ـ السنة قيل التدوين ص : 62

التعريف بالسنة النبوية الشريفة



التعريف بالسنة النبوية الشريفة

معنى السنة :

السنة لغة : الطريقة ، والسيرة حسنة كانت أم سيئة ، وعند الإطلاق تنصرف إلى السنة الحميدة(1) والسنة في الاصطلاح يختلف معناها باختلاف مناهج العلماء.

فالسنة عند المحدثين : هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله ، وتقريراته ، وصفاته الخلقية والخلقية ، وسيرته ، ومغازيه ، سواء قبل البعثة مثل تحنثه فى غار حراء ، وحسن سيرته ، وأنه كان أميا لايقرأ ، وما إلى ذلك من صفات الخير ، وكذلك ما كان بعد البعثة(2) وتعريفهم هذا مبنى على عنايتهم بإثبات وتصحيح كل ما يتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم سواء أثبتت أحكاما شرعية أم لا(3) .

وعند الفقهاء : هي كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير افتراض ولا وجوب وتقابل الواجب وغيره من الأحكام الخمسة(4)

وعند الأصولييـــــــــن : هي ما صدرعن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن الكريم من الأقوال والأفعال والتقرير(5) وتعريفهم هذا مبنى على عنايتهم بالدليلومن السنة التى أمرنا باتباعها(6)

وعند علماء العقيدة والوعظ والإرشاد : هي ما وافقت الكتاب والحديث وإجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات ، وتقابلها البدعة(7) ، وتعريفهم هذا مبنى على عنايتهم بالأعمال التعبدية وموافقتها للدليل ورد ما خالف ذلك وهكذا نرى أن أوسع الإطلاقات هو إطلاق المحدثين.
----------------------------------------------------------------------

1- النهاية لابن الأثير ولسان العرب لابن منظورانظر: مادة (س ن ن)
2- السنة ومكانتها فى التشريع ص 47
3- المستشرقون والسنة ص26
4- السنة ومكانتها فى التشريع ص48
5-الحديث والمحدثون ص9
6- المستشرقون والسنة ص27
7- الحديث والمحدثون ص10


منزلة السنة من الدين :

إن لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانتها بالنسبة إلى القرآن الكريم ومكانتها بالنسبة إلى التشريع الإسلامى ؛ فهي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم من حيث القوة لا من حيث الالتزام ، فالالتزام بها كدليل شرعي كالالتزام بالقرآن تماما، فالسنة هي أصل من أصول الدين يجب اتباعها وتحرم مخالفتها للأدلة والإجماع على وجه لا يدع للشك مجالا.

مصدر السنة النبوية الشريفة :

لا يخفى على أحد علاقة السنة بالقرآن الكريم ، فالقرآن الكريم وحى الله تعالى إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم باللفظ والمعنى ، والسنة وحى من الله تعالى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم بالمعنى ، أغلبها ، أو إقرار الله تعالى لما صدرمن الرسول صلى الله عليه وسلم باجتهاده من قول أو فعل(1) ؛ فالقرآن والسنة مصدرهما واحد وكلاهما وحى ؛ قال تعالى ( وما ينطق عن الهوى* إن هو إلا وحى يوحى )(2) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ......)(3) وقال (..... ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله )(4)

أقسام الوحي :

الوحي : إعلام بخفاء.
الموحى : الله تعالى ، والموحى إليه : رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. والموحي به هو القرآن الكريم وكذلك السنة.
وينقسم الوحي إلى قسمين : وحى متلو - وحى غير متلو.

الوحي المتلو (القرآن الكريم) الوحي غير المتلو ( السنة النبوية)

1- نقل إلينا بطريق التواتر. 1ـ منها المتواتر ومنها غير المتواتر وفيها الصحيح والضعيف.
2- معجز بلفظه ومعناه. 2- غير معجز باللفظ.
3- نزل باللفظ والمعنى. 3- نزلت بالمعنى دون اللفظ.
4- متعبد بتلاوته. 4- غير متعبد بتلاوتها.
5- يحرم على المحدث مسه. 5- لا يحرم على المحدث مسها.
6- متعبد للصلاة به. 6- لايصلى بها.

7- مسمى بالقرآن 7- يسمى العلم أو السنة أو الحديث
8- لا يجوز روايته بالمعنى 8- يجوز روايتها بالمعنى (عند من يرى ذلك)
9- جميع آياته وسوره نزل بها من العلماء بشروط منها أن يكون عالما
جبريل عليه السلام في اليقظة بالمعاني والألفاظ
9- نزلت بطرق الوحي المعروفة
في المنام أو اليقظة بواسطة الملك
أوغيره
------------------------------------------------------------------------------
1- دراسات فى السنة النبوية الشريفة ص24
2- النجم (3 ، 4)
3- رواه أجمد وأبو داود – صحيح الجامع للألبانى
4- رواه أحمد وأبو داود والحاكم – صحيح الجامع للألبانى

قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى




قال تعالى : ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى . . . )       
سورة الأحزاب : 33

أختاه . . . .إذا قرأتِ الآية (30) من سورة الأحزاب وما تلاها من آيات كريمات ، ستجدين أن الخطاب الإلهي موجه من رب العزة من فوق سبع سماوات إلى أطهر نساء العالمين وهن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن بقوله تعالى ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين)  وما تلاها من آيات ، فإذا كان هذا الخطاب موجه لهؤلاء ، فما بالك أختاه بمن هن أدنى منهن منزلة ؟؟؟
 وكما ذكرنا آنفا أن القرآن الكريم نزل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإن هذا النداء والأمر الإلهي موجه أيضا إلى من هن دونهن من النساء ، بل جمع الله تعالى في  الآية (59) من سورة الأحزاب الأمر بالحجاب لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم وبناته ونساء المؤمنين جميعا في نفس الآية . فهذه الآيات من سورة الأحزاب كرر الله تعالى النداءات إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أوصاهن قائلا ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا )  الأحزاب (32)
أي لا تلين الكلمات وترققن الصوت إذا تكلمتن مع الأجانب من الرجال ( غير المحارم ) فيطمع الذي في قلبه مرض ، أي نفاق وضعف إيمان مع شهوة عارمة تجعله يتلذذ بالخطاب ، ثم أمرهن تعالى بقوله ( وقلن قولا معروفا ) وهو ما يؤدى إلى المعنى المطلوب دون زيادة ألفاظ وكلمات لا حاجة لها .
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه  : المرأة تندب إذا خاطبت الرجال الأجانب إلى الغلظة في القول من غير رفع الصوت ، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام .

ثم أمرهن الله تعالى بالإقرار في بيوتهن فقال ( وقرن في بيوتكن ) أي اقررن بمعنى اثبتن فيها ولا تخرجن إلا لحاجة لابد منها ، ( ولا تبرجن ) أي إذا خرجتن لحاجة فلا تخرجن سافرات متطيبات متزينات . ( تبرج الجاهلية الأولى ) أي قبل الإسلام ، إذ كانت المرأة تتجمل وتخرج متبخترة متكسرة متغنجة في مشيتها وصوتها تفتن الرجال . ثم أمرهن سبحانه بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
                                               
ثم أخبرهن تعالى بالعلة في ذلك وهو إرادته تعالى بتطهيرهن من الدنس والآثام إبقاء على طهرهن ، لأن الخروج بكثرة ، وعدم إقرارهن في البيت قد يؤدى إلى الفتن التي لا تخفى على كل من له  أدنى بصيرة ،  ثم أمرهن أيضا بذكره سبحانه المتمثل في القرآن والسنة المطهرة الشريفة ( الحكمة ) على جهة الموعظة ، وختم الآية الكريمة بقوله ( إن الله كان لطيفا خبيرا ) أي لطيف بكم ، خبير بأحوالكم وما تؤول إليه الأمور من خير أو شر .

قال تعالى : ( ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن وكان الله غفورا رحيما )                سورة الأحزاب : 59

( يدنين ) أي يرخين. والإدناء هو الإرخاء . والجلابيب : جمع جلباب وهو العباءة أو الملاءة تكون فوق الدرع السابغ الطويل . وهذه الآية تسمى آية الحجاب .
                                  
قال ابن أبى حاتم رحمه الله تعالى :
قالت أم سلمة رضي الله عنها : لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة ، وعليهن أكسية سود يلبسنها.
  
* قال العلامة الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره ( أيسر التفاسير ) :
ومعنى هذه الآية أي يرخين على وجوههن الجلباب حتى لا يبدو من المرأة إلا عين واحدة تنظر بها إلى الطريق إذا خرجت لحاجة .

* قال الإمام ابن الجوزى رحمه الله تعالى في قوله تعالى ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) :
أي يغطين رؤوسهن ووجوههن ليعلم أنهن حرائر ( أي عفيفات ) والمراد بالجلابيب الأردية .

* قال ابن أبى حبان فى ( البحر المحيط ) :
( يدنين ) شامل لجميع أجسادهن ، والمراد بقوله ( عليهن ) أي على وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه والنحر ( الرقبة ) .

* قال أبو السعود في تفسيره :
الجلباب ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تلويه المرأة على رأسها ويتبقى منه ما ترسله على صدرها 0 ومعنى الآية : يغطين بها وجوههن وأيديهن إذا برزن لداعية من الدواعى.

-  روى أبو داود رحمه الله تعالى في سننه أن عائشة رضي الله عنها قالت : كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزوا كشفنا .
                                                       
-  روى البخاري رحمه الله في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين )  أي لا ترتدي المرأة حال إحرامها النقاب ولا القفازين ، وبمفهوم المخالفة كما هو مقرر عند الأصوليين ، أنه في حالة عدم إحرام المرأة فإنها تنتقب وتلبس القفازين ، أي تغطى وجهها وكفيها .

-  روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه أن عائشة رضي الله عنها حينما تخلفت عن الجيش في غزوة بني المصطلق ( المريسيع ) قالت : وسمعت استرجاع صفوان بن المعطل السلمي فخمرت وجهي لما سمعت صوته ، وكان قد عرفني قبل آية الحجاب . والقصة بطولها في صحيح البخاري في حادثة الإفك . وانظري تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير الآية ، ومعنى استرجاع : قول العبد ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) .

قال تعالى : (. . . وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن . . . )       الأحزاب (53)

أمر الله تعالى في بداية هذه الآية الكريمة بالاستئذان عند إرادة دخول بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعضا من الآداب الشرعية ، والأمر يشمل جميع المؤمنين في أي زمان ومكان بأن يراعوا الآداب الشرعية في حرمة بيوت المسلمين ، فقال ( وإذا سألتموهن متاعا . . . ) أي إذا طلبتم شيئا من الأمتعة التي توجد في البيت كالإناء ونحوه ( فسئلوهن من وراء حجاب ) أي باب وستر ونحوهما ، وقوله ( ذلكم أطهر لقلوبكم ) أنتم أيها الرجال ( وقلوبهن ) أيتها المؤمنات0 وأطهر : أي من خواطر السوء الفاسدة التي لا يخلو منها قلب الإنسان إذا خاطب فحل أنثى ، أو خاطبت امرأة فحلا من الرجال .

وفى هذه الآية الكريمة فوائد منها :
(1)          مشروعية مخاطبة الأجنبية من وراء حجاب ستر ونحوه .
(2)          بيان أن الإنسان لا يخلو من خواطر السوء إذا كلم امرأة ونظر إليها .
(3)          أهمية سد الذرائع وسد مسالك الشيطان التي تؤدى إلى الوقوع في الرذيلة .
(4)   بيان ما ينبغي للمؤمنين أن يلتزموه من الآداب في الاستئذان والدخول على البيوت فإن ترك هذا الأدب الضائع وإهماله أدى إلى فساد كبير ، وفتن عظيمة في بيوت كثير من المسلمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

وانظري أختاه الكريمة إلى هذه الحادثة التي حدثت في بني قينقاع والتي أخرجها الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه : أن امرأة مسلمة كانت تقضى بعض شئونها من سوق بني قينقاع ، وكانت امرأة ترتدي الحجاب الشرعي ساترة لوجهها ، فاعترضها رجل يهودي وسخر من جلبابــــــها وأراد أن يجبرها على كشف وجهها ولكنها أبت واستغاثت ، فكر على اليهودي رجل من المسلمين فقتله جزاء ما اقترفت يداه الآثمتان

فانظري أختاه إلى الرجولة والغيرة من رجال المسلمين على أخواتهم العفيفات ، فهذه الغيرة يحبها الله تعالى ، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يغار وإن المؤمن يغار وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم الله )

ومن العجيب أن يرى الرجل أهله على التبرج والسفور ويقره ، بل وبعضهم قد يفتخر بذلك ولا يدرى أنه سيحاسب عليهم أمام الله يوم القيامة . فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلـم :

( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته ، والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها وهى مسئولة عن رعيتها )  رواه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي رحمهم الله  عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما .

يا أيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام ....



النداء الخامس – قال تعالى :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)                                                           سورة البقرة : 183
لقد مر بنا معنى ( كُتِبَ ) عند تفسير قوله تعالى ( يا أيها الذين ءامنوا كُتِبَ عليكم القصاص .. )
والصَّوْم فى الأصل الإمساك عن الفعل مَطْعَماً كان أو كلاما أو مَشْيَاً ولذلك قيل للفَرَس المُمْسِك عن السَّيْر والعَلَف صائم قال الشاعر : خيلٌ صِيامُ وأخرى غيرُ صائمةٍ. وقيل للريح الراكدة صَوْم ولاستواء النهار صَوْم تصوراً لوقوف الشمس فى كبد السماء ولذلك قيل قام قائم الظهيرة.
والصَّوْم فى الشرع : إمْساك المُكَلَّف بالنية من الخيط الأبيض إلى الخيط الأسود عن تناول الأطْيَبَيْنِ ( الأكْل والجِماع ) والاستمناء والاستقاء وقوله تعالى ( إنِّى نَذَرْتُ للرَّحْمَن صَوْماً ) فقد قيل عُنى به الإمساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى ( فلن أُكَلِّمَ اليومَ إنْسِيَّاً )(1)(2)
لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأصبحت دار إسلام أَخَذَ التشريع ينزل ويتوالى، ففى الآيات السابقة كان حكم القصاص والوصية ومراقبة الله فى ذلك وكان أعظم ما يكون فى المؤمن مِن مَلَكَة التَّقْوَى الصيام، فأنزل الله فَرْضَ الصيام فى السنة الثانية للهجرة فناداهم الله بعنوان الإيمان ( يا أيها الذين ءامنوا ) .
----------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة مريم : 26                                 (2) المفردات فى غريب القرآن ـ الراغب الأصفهانى

وأعلمهم أنه كَتَبَ عليهم الصيام كما كَتَبَه على الأمم السابقة (1) من قبلهم فقال ( كما كُتب على الذين من قبلكم ) وعلل ذلك بقوله ( لعلكم تتقون ) أى لِيُعِدَّكم به للتقوى التى هى امتثال الأوامر واجتناب النواهى لما فى الصيام من مراقبة الله تعالى وقوله ( أياماً معدودات ) ذَكَرَه لِيُهَوِّنَ به عليهم كلفة الصوم ومشقته إذ لم يجعله شهوراً(2) ولا أعواماً وزاد فى التخفيف أن أذن للمريض والمسافر أن يُفْطِر ويَقْضِى بعد الصحة أو العودة من السفر فقال ( فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيامٍ أُخر ) كما أن المريض(3) والمسافر إذا كانا يطيق الصيام بمشقة وكلفة شديدة فله أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا وأعلمهم أن الصيام فى هذه الحال خير ، ثم نسخ هذا الحكم الأخير بقوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وقوله ( إن كنتم تعلمون ) يريد : تعلمون فوائد الصوم الدنيوية والأخروية وهى كثيرة أجلها مغفرة الذنوب وذهاب الأمراض (4)
فصيام شهر رمضان إذا صِيمَ بحقه يكون سبباً فى مغفرة الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) (5) وقال (من صام يوماً فى سبيل الله بَعَّدَ الله وجهه عن النار سبعين خَرِيفاً )(6)
قال تعالى ( شَهْرُ رَمَضانَ الذِى أُنزِل فيه القرآنُ هُدَىً للنَّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الهُدَى والفُرْقان فَمَن شَهِدَ مِنكُم الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ .... ) الآية
رمضان : شهر وهو من الرَّمْض أى شدة وقع الشمس، يقال أَرْمَضْتَه فَرَمِضَ أى أحرقته، والرَّمْضاء هى شدة حر الشمس وأرض رَمِضة ورَمِضَتْ الغنم رَعَتْ فى الرَّمْضاء فقرحت أكبادها(7) ويجمع على رمضانات وأَرْمِضاء، ورمضان هو الشهر التاسع من شهور السنة القمرية ولفظ الشهر مأخوذ من الشُّهَرة وهذه آية فضله عن سائر الشهور حيث أنزل فيه القرآن وذلك فى ليلة القدر منه لقوله تعالى ( إنا أنزلناه فى ليلة القدر )(8) وقوله ( إنا أنزلناه فى ليلةٍ مُبارَكَة )(9)
----------------------------------------------------------------------------------
(1) ويشهد لذلك قول النبى صلى الله عليه وسلم ( أَفْضَلُ الصَّوْمِ صَوْم أَخِى داودَ كان يَصُومُ يَوْماً ويُفْطِرُ يَوْماً ولا يَفِرُّ إذا لاَقَى ) رواه الترمذى رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضى الله عنه ـ  ص . ج للألبانى رقم  1120
(2) بداية الآية ( شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ... ) البقرة : 185
(3) المريض له حالتان الأولى : أن يكون مرضه شديدا فهذا يجب أن يفطر والثانية : أن يكون غير شديد فيستحب له الفطر .
(4) أيسر التفاسير للجزائرى ج1ص90                  (5) رواه البخارى ومسلم رحمهما الله تعالى 
(6) رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي رحمهم الله تعالى
(7) المفردات - الراغب الأصفهانى                (8) سورة القَدْر : 1                   (9) سورة الدُّخان : 3

أُنزِلَ القُرْآنُ جُمْلَةً واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة فى سماء الدنيا ثم نزل نَجْماً بعد نَجْم (1) وابتُدِئ نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان أيضا ، ( هدى للناس ) أى هاديا للناس إلى ما فيه كمالهم وسعادتهم فى الدارين ( وبينات من الهدى والفرقان ) البينات جمع بَينة والهُدَى : الإرشاد .                                                                                  
والمراد أن القرآن نزل هادياً للناس ومبيناً لهم سبيل الهدى موضحاً طريق الفوز والنجاة فارقاً لهم بين الحق والباطل فى كل شؤون الحياة ( شهد منكم الشهر ) أى من حضر الإعلان(2) عن رؤيته ( فعدة من أيام أُخَر ) فعليه القضاء بعدد الأيام التى أفطرها مريضاً أو مسافراً ( ولتكملوا العدة ) وجب القضاء من أجل إكمال عدة الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرين يوما ( ولتكبروا الله على ما هداكم ) وذلك عند إتمام صيام رمضان من رؤية الهلال إلى العودة إلى صلاة العيد والتكبير مشروع وفيه أجر كبير وصفته المشهورة ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ،  الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) ( ولعلكم تشكرون ) فرض عليكم الصيام وندبكم إلى التكبير لتكونوا من الشاكرين لله تعالى على نعمه لأن الشكر هو الطاعة (3)
ثم قال تعالى فى الآية التى تليها : ( وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب ) فهو قريب لعباده ولا يحتاج إلى واسطة، وإذا تأملنا إلى لفظة ( يسألونك ) فى القرآن الكريم نجدها اقترنت بفعل الأمر ( قُل ) كقوله تعالى : ( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول ) وقوله سبحانه ( يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى ) وما شابه ذلك من الآيات . أما فى هذه الآية الكريمة ( وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب ) لَمْ  يَقُلِ الله عز وجل قُلْ إنى قريب ، وهذا يدل على أن الدعاء لا يحتاج إلى واسطة لأن الدعاء عبادة لا تُصْرَفُ إلا لله لقوله صلى الله عليه وسلم ( الدُّعاء هو العِبَادَة )(4)
وهذا رد ودليل واضح بَيِّن على من يذهبون إلى أصحاب القبور والأضرحة فيتوسلون بهم ويَدْعونهم من دون الله ليدفعوا عنهم الضر أو يجلبوا لهم النفع ، فهذا من الشرك المنهى عنه ، فدعاء الله لا يحتاج إلى واسطة لأنه سبحانه وتعالى أقرب إلينا من حبل الوريد ويعلم ما توسوس به أنفسنا وهو عليم بذات الصدور ، ويحب الملحين فى الدعاء  ، ومما يُحْرَمُ به إجابة الدعاء أَكْل الحرام والاستعجال بأنْ يقول العبد دعوتُ فلم يُستجَب لى فهذا ليس من آداب الدعاء .

----------------------------------------------------------------------------------------
(1) نَجَمَ الشَّئ ظَهَر وطَلَعَ والنَّجْم الوقت المضروب ومنه سُمِّى ( المُنَجَّم ) ( مختار الصِّحَاح ) ، والقرآن المُنَجَّم المُنَزَّل قَدْراً فَقَدْرا ( المفردات للراغب الأصفهانى )
(2) أكثر أهل العلم على أن شهادة الواحد العَدْل تقبل فى رؤية هلال رمضان أما رؤية هلال شوال فلا بد من شاهدين اثنين عَدْلَيْنِ                                                          (3) أيسر التفاسير للجزائرى ج 1ص91
(4) رواه أحمد وأصحاب السنن رحمهم الله تعالى ص. ج . رقم 3407 ، أما حديث ( الدعاء مخ العبادة ) فهو ضعيف السند.

مِن حِكَم وأسرار الصيام :
1 ـ عبادة الله وحده والخضوع له؛ ليكون الصائم مُقْبِلا على الله تعالى خاضِعاً خاشعاً بين يديه حينما ينكر سلطان الشهوة ، فإن القوة تغرى بالطغيان والبطر قال تعالى ( كلا إنَّ الإنسانَ لَيَطْغَى * أن رآه اسْتَغْنَى )(1) فليعلمْ أنه ضعيف فقير بين يدى الله حينما يرى ضعفه وعجزه فينكر فى نفسه الكبر والعظمة فيستكين لربه ويَلَين لِخَلْقِه .
2 ـ حِكَمٌ اجتماعية من اجتماعهم على عبادة واحدة فى وقت واحد، وصبرهم جميعا قَوِّيّهم وضعيفهم، شريفهم ووضيعهم، غَنِّيهم وفقيرهم، على معاناتها وتحملها مما يسبب رَبْط قلوبهم وتآلف أرواحهم وجمع كلمتهم وليس شئ أقوى من هذه الإرادات المتينة التى لا تحكمها أقوى الدِعايات كما أنه سبب عطف بعضهم على بعض ورحمة بعضهم بعضا حينما يحس الغَنِىُّ ألَمَ الجُوع ولَذْع الظَّمَأ فيتذكر أن أخاه الفقير يعانى هذه الآلام دهْرَه كله فيجود عليه من ماله بشئ يزيل الضغائن والأحقاد ويحل محلها المحبة والوئام وبهذا يتم السِّلمُ بين الطبقات .                                              
3 ـ حِكَمُ أخلاقية  تربوية فهو يُعَلِّم الصبر والتحمل ويقوى العزيمة والإرادة ويُمَرِّن على ملاقاة الشدائد وتذليلها والصِّعاب وتهوينها .                                                                     
4 ـ حِكَمٌ صحية فإن المعدة بيت الداء والحِمْيَة (2) رأس الدواء ولا بد للمعدة أن تأخذ فترة استراحة واستجمام بعد تعب توالى الطَّعام عليها واشتغالها بإصلاحه ، فهذه نُبَذٌّ تشير إلى شئ من حِكَمِ الله تعالى ، واستقصاء ما يحيط به العقل البشرى يحتاج إلى تصانيف مستقلة وفضلا عما لا يعلمه إلا الله تعالى من الأسرار الحكيمة الرشيدة (3)
فوائد فقهية فى أحكام الصيام :
1 ـ يُنْهَى عن تَقَدٌّم رمضان بصيام يوم أو يومين ويُرَخَّص فى ذلك لمن صادف قبل رمضان له عادة صيام كيوم الخميس والاثنين ، ومِن حِكَمِه كذلك والله أعلم تمييز فرائض العبادات من نوافلها، والاستعداد لرمضان بنشاط ورغبة وليكون الصيام شعاره المميز .

 

------------------------------------------------------------------------------------
(1) سورة العلق : 6 ، 7
(2) الحِمْيَة : حِمْيَة المريض أى منعه ما يضره ، والحَمِىّ : المريض الممنوع ما يَضُرُّه ، والحَمِيَّة : الأَنَفَة وفى القرآن ( إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم الحَمِيَّة حَمِيَّة الجاهلية ) ، والحَمِيَّة: المحافظة على المَحْرَم والدِّين مِن التُّهْمَة ( المعجم الوجيز)      (3) تيسير العلام شرح عمدة الأحكام – الشيخ البسام ج 1 ص396

2 ـ صيام شهر رمضان مُعلَّق برؤية الهلال للناس أو بعضهم وكذلك الفطر وإن لم يُرَ الهلال لم يصوموا إلا بتكميل شعبان ثلاثين يوما وكذلك لم يُفْطِرُوا إلا بتكميل رمضان ثلاثين يوماً.
3 ـ وقت الإمساك يكون بطلوع الفجر قال تعالى ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وبهذا نعلم أن ما يجعله الناس من وقتين وقت للإمساك، ووقت لطلوع الفجر بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما هو وَسْوَسَة من الشيطان ليلبس عليهم دينهم وإلا فالسنة المحمدية أن يكون الإمساك عند أول طلوع الفجر. 
4 ـ يصح صوم من أصبح جُنُباً من جِماع الليل ويقاس على الجماع الاحتلام لأنه إذا كان مُرَخَّصاً فيه من المختار فغيره أولى .
5 ـ جمهور العلماء على أن الأكل والشُّرْب من الناسى لا يُفْسِد الصوم  والخلاف بينهم فى الجِماع فذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعى وداود وابن تيمية وغيرهم إلى أنه لا يفسد الصيام بالجِماع إذا كان ناسياً.  
6 ـ يرى عامة الفقهاء وجوب الكفارة على من جَامَعَ مُتَعَمِّدَاً فى نهار رمضان واختلفوا فى الناسى والصحيح أن الناسى ليس عليه كفارة والكفارة عِتْق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً وذلك على الترتيب لا على التخيير وإن عجز سقطت عنه .
7 ـ يجوز الصيام فى السفر ويجوز أَخْذُ الرخصة بالفطر وذهب جماهير ومنهم الأئمة الأربعة رحمهم الله إلى جواز الصيام والفطر فى السفر ومقدار السفر الذى يباح فيه الفطر وقصر الصلاة ما عُدَّ سفرا عُرْفَاً فالشرع أطلق السَّفَر فنطلقه كما أطلقه . 
8 ـ يحرم صوم يَوْمَىّ الفِطْرِ والأضْحَى وهو رأى الجمهور .
9 ـ الصيام يقضى عن المَيْت سواء كان نذراً أو واجبا أصلياً كصيام رمضان .
10 ـ يحرم الوِصال فى الصيام باليومين فأكثر وهو ترك ما يفطر بالنهار عَمْداً فى ليالي الصيام ، والوصال من خصائص النبى صلى الله عاليه وسلم لأنه هو الذى يقدر وحده عليه ولا يلحقه أحد فى هذا المقام .   
11 ـ يُكْرَه صيام يوم الجمعة منفردا ولَكِنْ يُباح صومُه ويزيل كراهة صومه أن يقترن إليه صوم يوم قبله أو بعده أو أن يكون ضمن صوم يوم معتاد كأن يصادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء أو أيام الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر الهِجْرِىّ (1)


----------------------------------------------------------------------------------------

(1) تيسير العلام شرح عمدة الأحكام – الشيخ البسام ج 1

ومن الفوائد الفقهية أيضاً :
1- من عجز عن صيام رمضان لِكِبَرٍ أو مرض لا يُرْجَى بُرْؤه ( شِفَاؤُه ) فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكيناً.
2- المسافر والمريض الذى يُرْجَى بُرْؤه ( شفاؤه ) لهما الفطر وعليهما القضاء .
3- الحامِل والمُرْضِع إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا وقضتا ، وفى الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى  ( إن كانت الحامل تخاف على جنينها فإنها تُفْطِر وتَقْضِى عن كل يوم يوما وتطعم عن كل يوم مسكينا رطلا مِن خُبْزٍ بأدمه ، أما إذا خافتا على نَفْسَيْهِما  - الحامل والمرضع ـ فلهما الفطر وعليهما القضاء بلا خلاف )
4- الحائِض والنُّفَساء يجب عليهما الفطر والقضاء ويحرم عليهما الصيام .
5- يجب الفطر على من احتيج إليه لإنقاذ معصوم من مَهْلَكَة كَغَرَقٍ ونحوه لأنه يمكنه تدارُك الصوم بالقضاء ويحرم على مَن لا عُذر له الفطر فى رمضان وعليه القضاء والتوبة إلى الله  .
6- لا بأس بالحُقْنَة ( الإبْرَة ) أثناء الصيام ولو كانت للتغذية والأحْوَط تركها ، ولا بأس بالاكْتِحال والتَّطَيُّب .
7- لا يفسد الصوم بخروج دَم رُعاف أو جُرْح أو قلع سِنٍ أو مُداواة جرح أو التبرع بالدم أو الحِجَامَة .
8- يحرم صيام أيام التَّشْريق وهى الحادى عشر، والثانى عشر، والثالث عشر، من شهر ذِى الحِجَّة إلا لِمُتَمَتِّعٍ أو قارِنٍ لا يَجِدُ الهَدْى (1)








------------------------------------------------------------------------------------
(1) أصول المنهج الإسلامى ـ العبيد ج1 ص 250